القاهرة | رجل وامرأة صديقان (اسماعيل شرف الدين وريهام سعيد) يجلسان سوياً على أريكة يتناقشان في علاقة الرجل السيئة بزوجته. الصديقة تقول لرفيقها مباشرة «يجب أن تعرف زوجتك أنّ الجنس حاجة مهمّة جداً لأيّ رجل». يوافقها الرأي. تردّ بأن «وجودها كصديقة في حياته يسهّل له التعبير عما يدور بداخله بدلاً من أن يُفضفض مشاكله مع أصدقاء رجال لن يمنحوه النصيحة الصادقة».
وتضيف الفتاة «يجب أن يكون لزوجتك صديق رجل تفضفض له أيضاً». الطرح مرفوض طبعاً من الرجل الذي لا يعرف أنه في المشهد التالي من هذه الحلقة من مسلسل «قلوب» ستحضر زوجته خطوبة لصديقتها من طائفة أخرى، وستتلقى اتصالاً من صديقها المتزوّج بدوره من أخرى. بعدها بدقائق وربما للمرة الأولى في الدراما المصرية، تجلس الزوجة مع صديقاتها يستمعن إلى نصائح الكاهن الذي يبارك خطوبة الصديقة، ثم ينصحها بالصلاة من دون مناسبة للتخلّص من توتر هو وحده من لاحظه. إلا أنّها تقول له «أنا مسلمة»، فيجيبها «أعرف، فالصلاة راحة لكلّ من له دين». ما سبق ملخّص بسيط قد يفّسر حجم الصدمة التي أحدثها مسلسل «قلوب» (اخراج حسين شوكت، وكتابة هاني كمال) الذي بدأ عرضه قبل أيام على شاشة قناة «النهار» الخاصة، إلى جانب التلفزيون المصري.
المسلسل (بطولة علا غانم، انجي المقدم، والسورية جيهان عبد العظيم، نجلاء بدر) غير المعدّ أساساً للموسم الرمضاني، تم تصوير 60 حلقة منه للعرض خلال الأسابيع التي تسبق شهر الصوم، وأثار الجدل بغوصه الجريء في المواضيع والقضايا الجنسية والدينية في المجتمع المصري.
التلفزيون المصري الذي خاصم طويلاً المسلسلات الجديدة، اشترى حقّ عرض العمل من منتجه ممدوح شاهين، لكنه بدأ بحذف العديد من المشاهد. يسير العمل في الخط نفسه تقريباً. نشاهد خمس صديقات، لكل منهن حياة مضطربة بسبب الرجال والعكس صحيح. أسلوب قريب مما اهتم المخرج هاني جرجس فوزي بتقديمه دائماً في فيلميه «أحاسيس» و«بدون رقابة». اللافت أن بطلة الفيلمين علا غانم هي أيضاً بطلة المسلسل، لكن «قلوب» يلتزم بأن يقدم ذلك في دراما متماسكة بهدف الاقتراب من مناطق شائكة يحتاج الجمهور أن يتعرّف إليها على الشاشة. هكذا، يطرحها للنقاش ويخرجها من خلف الأبواب الموصدة. تؤكد ذلك تصريحات مؤلف الحلقات هاني كمال بأنه من المستحيل أن يفكّر في تقديم «عمل يخالف الأعراف»، لكنها دراما تقترب من الواقع وتستخدم الألفاظ التي تتداولها الشخصيات التي تعيش الأزمات نفسها التي يمرّ بها الأبطال. وتساءل الكاتب «عن التناقض الذي يجعل التلفزيون الحكومي يشتري المسلسل ثم يتعامل معه كأنه برنامج للإعلامي باسم يوسف، فيحذف كل الكلمات واللقطات التي تسحب من الحوار جرأته التي بنيت على أساسها فكرة مسلسل «قلوب»». بالتأكيد، فأسرة العمل مستفيدة من الجدل الذي قد يجعل للمسلسل سوق أكثر رحابة. لكن علامات الاستفهام لا تزال مستمرة: هل الجرأة موجودة هنا للجرأة فقط، أم أنّه يمكن أن تؤثر هذه المسلسلات في حياة من يتابعون قصص الأبطال؟ وهل بات مطلوباً تصنيف الدراما أيضاً قبل العرض بحيث فات أسرة «قلوب» وضع لافتة «للكبار فقط» التي لجأت إليها مسلسلات عدة في رمضان الماضي أبرزها «موجة حارة»؟



«قلوب»: يومياً على «النهار» ــــ 20:00 بتوقيت بيروت

يمكنكم متابعة محمد عبدالرحمن عبر تويتر | @MhmdAbdelRahman