سجّل السوريون رقماً قياسياً في أعداد الوافدين إلى دولة الإمارات منذ بدء الأزمة في بلادهم. في الغربة، تجد بعضهم يردّدون بحزن بليغ أنّهم اعتاد على هول ما يحدث في بلادهم. لكن في مقابل ذلك، يسعون لنسج خيوط حياة اجتماعية تعزّيهم لمصابهم يومياً.
يتغنون بأجوائهم الخاصة في إمارة الشارقة، ويجاهدون عجلة الحياة التي تدور بسرعة كبيرة في دبي المعدّة للعمل لا أكثر، بعدما قصدها عدد كبير من نجوم الدراما السورية. النجم عابد فهد ليس منهم لأنّه يقيم في دبي مع زوجته الإعلامية زينة يازجي منذ عام 2003. بات الممثل السوري اليوم رقماً صعباً في عالم الدراما العربية، لكنه لا يتخلى عن تواضعه المعهود، بل يبذل جهداً مضاعفاً للتواصل مع أبناء بلده كأنه يريد أن يستضيف كل سوري يمرّ من دبي.
في دبي، يخلع «الظاهر بيبرس» رداء التمثيل، وما يمكن أن يعلق في ذهنه من شوائب النجومية. يجتمع على الأقل مرتين في الأسبوع مع أصدقائه من نجوم كرة القدم السوريين الذين هجروا اللعبة على المستوى الاحترافي كونها لا تطعم خبزاً في سوريا، وسافروا إلى الإمارات حيث أسّسوا أعمالاً أخرى، لكنهم لم يتخلوا عن لعبتهم المفضلة.
هكذا، شكّلوا فريقاً يضمّ سبعة لاعبين يقودهم نجم «الولادة من الخاصرة» رغم أنه أقلهم خبرة في «الفوتبول»، لكنه أكبرهم سناً وأكثرهم شعبيةً بين الفريق. يشاركه لاعبو الأندية السورية العريقة من بينهم عبد العليم فشول، وعبد الرزاق الحسين، وناصر البني، وعبد الجواد السباعي. يلتقون في ملعب كرة قدم سداسي ليخوضوا مبارايات حقيقية، ثم ينتقلون إلى أقرب مقهى لمشاهدة مباريات دوري أبطال أوروبا. في الملعب، يلتقي نجوم كرة القدم بنجوم الدراما الذين يكتفون بالمشاهدة فقط. يمر مثلاً المخرج سامر البرقاوي لحضور «الماتش». يتبعه السيناريست الشاب شادي دويعر. أما بالنسبة إلى الفريق، فكلّ أفراده يتحضرون بالطريقة ذاتها كأنها مباراة حقيقية. يسرق عبد العليم فشول الأضواء بدعابته المحببة دائماً. «علومة» كما يناديه رفاقه والمختار كما يحبّ أن يسمّي نفسه يقول لنا: «عابد فهد هذا النجم العربي ليس سوى لاعب ضمن فريقي. يتلقى تعليماتي وأنا الكابتن هنا». يصمت قليلاً ويستطرد ممازحاً « لكن ماذا لو تحوّل إلى «المقدم رؤوف» (دور عابد فهد في مسلسل«الولادة من الخاصرة») فجأة؟ كيف سيكون أداؤنا كوننا لن نتخيل أنفسنا أكثر من عناصر أمن تحت إمرته؟».
بعد دقائق على بدء المبارة، ينضم إلينا كابتن منتخب سوريا جهاد الحسين. لكن كيف يمكن لألمع لاعبي «الفوتبول» في الوطن العربي أن يجلس على خطوط الاحتياط؟ يضحك ويجيبنا بأنّه «ممنوع من اللعب خارج نطاق الدوري الاماراتي لأنني ألعب ضمن صفوف نادي دبي». لحظات قليلة يسترجع فيها الكابتن جهاد أكثر اللحظات تأثيراً في ذاكرته، قبل أن يتحول ملعب العباسيين الشهير في دمشق إلى ثكنة عسكرية. يتذكر إنجازات نادي «الكرامة» السوري ومدربه محمد قويض (أبو شاكر). لعل أكثر الذكريات حضوراً في وجدانه هي تلك التي سجّل فيها هدفه الأخير مع ناديه الحمصي وأحرز كأس الجمهورية وانتقل للعب في صفوف «القادسية» الكويتي. لا انقسام سياسياً هنا، ولا حديث عن موال أو معارض. الانقسامات في ذروتها لا تزيد عن انقسام بين مشجعي «برشلونة» وعدوه اللدود «ريال مدريد».