منذ ان اعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ترشحه لرئاسة الجمهورية، لم تتوقف شخصيات سياسية، في 8 و14 آذار، عن التشكيك في التأييد الذي يحظى به داخل فريقه السياسي. قيل إن الرئيس سعد الحريري لا يستطيع تبنيه، وإن كل الشخصيات المارونية الاخرى تخشاه، وان الجمهور لم يتقبله بعد. قد يكون كل ذلك صحيحاً. إلا أن جزءاً لا يُستهان به من فريق 14 آذار به يؤيد جعجع ويرى في ترشّحه «توسيعاً لمساحة الإرادة الوطنية المسلوبة منذ عام 1943». هؤلاء المؤيدون يضمّون سياسيين وناشطين، حزبيين وغير حزبيين، شكلوا ما يشبه الماكينة الدعائية التي تروّج لتبني ترشيح الحكيم، رغم عدم قناعتهم، بالضرورة، بقدرته على الوصول إلى قصر بعبدا. هذا الجو الذي يُشاع داخل 14 آذار، بدأ يؤثر على بقية المرشحين الذين «وجدوا أنفسهم في موقع ضعف»، بحسب مصادر قيادية في 14 آذار، ليس «لأن للرجل حظوظاً أكبر في الوصول إلى الرئاسة»، بل لأن «صورة المرشح القوي تفرض على كل المكوّنات الآذارية دعمه».

فجعجع «قضى 40 عاماً، بين البربارة والمجلس الحربي ووزارة الدفاع تحت الأرض، انسجاماً مع قناعاته، وليس في سجل من يُفترض أنهم مرشّحون مواقف تلامس سقف الحكيم». بالتالي «سيكون ترشّح أي من هؤلاء خجولاً كما النائب روبير غانم، أو عزوفاً عن إعلان الترشح رسمياً كما في حال الوزير بطرس حرب». الى ذلك، فإن «أياً من المرشحين لم يظهر بعد الاندفاعة نفسها التي أظهرها جعجع، إذ إنهم يترقبون الظروف السياسية التي يُمكن أن تفرض على فريقهم تبنّيهم كمرشّحين». مع ذلك، تنفي المصادر أن «يكون أي من الأسماء المطروحة قد تراجع عن قرار الترشّح، فالأمور داخل فريقنا لا تسير بكبسة زر»، ولا سيما أن « المكونات لم تتبنّى ترشيح جعجع حتى الآن».
يتجاهل جعجع كل المرشحين داخل فريقه. أما معركته، بحسب داعميه غير القواتيين، «فتقوم على هدف واحد، وهو مواجهة حزب الله»، ما يجعل منه «الأقوى والأوفر حظاً ليس لجهة الوصول إلى بعبدا، وإنما لجهة تبنّيه».
ويُعدّد مصدر قيادي في 14 آذار ثلاث نقاط تُسجّل لرئيس حزب القوات، وتجعل منه «خياراً وحيداً لنا». فهو، على عكس ما تضج به الصالونات السياسية، «تحدث مع الحريري مراراً في قراره». النقطة الثانية تتمثل في «عدم مشاركته حزب الله في حكومة واحدة، انطلاقاً من رفضه مبدأ التسوية الذي يُخضع اللبنانيين لانتخاب رئيس توافقي». اما النقطة الثالثة، فستظهر في «البنود التي سيعلنها في برنامجه، وهي في أغلبها خطوات لمواجهة مشروع حزب الله لا يملك تبنيها أي من المرشحين الآخرين».
ثلاث نقاط تُسجّل
لرئيس حزب القوات
تجعل منه «خياراً
وحيداً» لـ 14 آذار


«نقاط قوة جعجع» تقارنها المصادر بـ «واقع حال» المرشحين الآخرين: «وافق بطرس حرب على توزيره في حكومة التسوية، ويُمارس روبير غانم سياسة الاعتدال وعدم القطيعة مع أحد. أما نهج الرئيس أمين الجميل، الذي يؤكّد أنه مرشّح آذاري قادر على الانفتاح على حزب الله وإيران، فلا يُمكن صرفه في معركة رئاسية ستكون طاحنة بين فريقي الصراع».
لكن ما الذي يضمن لجعجع الذي أكد أنه «سيحصل على كل أصوات النواب داخل فريقه»، ويسوّق إعلامياً بأن «المستقبل على قاب قوسين أو أدنى من تبنّي ترشّحه»، أنه لن يُخذل من قبل 14 آذار والمستقبل تحديداً؟ ومن قال إن ظروفاً سياسية طارئة لن تدفع المستقبل إلى تبنّي اسم آذاري آخر، أو حتى التصويت لمرشح توافقي، ربما يكون النائب ميشال عون مثلاً؟
تبدو المكونات الآذارية غير مقتنعة بكل ما سُرّب عن الانفتاح بين عون والمملكة العربية السعودية. وتعتبر المصادر أن «إجابات عون الملتبسة على أسئلة واضحة تتعلق بسلاح حزب الله وقتاله في سوريا، وملف المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، تُفقده صفة المرشح الوسطي». وبناء عليه، تؤكّد أن «الخيارات أمام تيار المستقبل ليست مفتوحة، وأن على الحريري دعم مرشّح رئاسي من داخل فريقه، لا بل الأقوى بين المرشّحين».