ثمّة «معركة» غير مسلّية تدور بين النائب هاني قبيسي ورئيس جمعية المصارف فرانسوا باسيل. «معركة» تدور رحاها على أرض القضاء. قبل سرد أحداثها، وما آلت إليه، لا بد من التذكير بأن قبيسي «ضد سلطة المال» لأنها «ضد مصلحة الشعب». أما باسيل، الذي يُحب «الشعب» أيضاً، فإنه من المطالبين بـ»العدالة الاجتماعية» (هكذا قال واللهِ العظيم).
إذاً، كلاهما يُحبّان الشعب! وصل هذا الحب بالنائب قبيسي إلى حدّ الإدّعاء على باسيل، أمام النيابة العامة التمييزية، قبل نحو أسبوع، وذلك على خلفية «سلسلة الرتب والرواتب». المدّعى عليه «اتهم النوّاب بسرقة المال العام». بغض النظر عن «حميّة» قبيسي وغيرته على كرامة البرلمان، إلا أنه لا يمكن القفز عن اتهام باسيل «الفظيع» هذا! رئيس جمعية المصارف يتهم، بغض النظر من يتهم، بسرقة المال العام! حصل هذا، حقاً، صدّق أو لا تُصدّق. عندما تدّعي المصارف على أحد بتهمة السرقة، سواء صح ذلك أم لا، ثم لا تنشق الأرض لتبتلع المصارف والبلاد التي تقوم عليها، فعندها نكون أمام «معجزة» حقيقية!
طيّب، قبيسي بعد أيام على ادّعائه، أعلن أن «جمّد» الدعوى القضائية، وذلك بناء على رغبة رئيس مجلس النواب نبيه بري. حصل ذلك بعد عقد باسيل مؤتمراً صحافياً قال فيه إنه «يُحب بري». وحصل أيضاً بعدما اجتمع مع وزير المال، على حسين خليل، الذي يُحب بري أيضاً - طبعاً، وبالتالي «جُمّدت» الدعوى. بدت أن القضية انتهت «حبيّاً». مرّت الأيام وسقطت «السلسلة» في مجلس النواب. زعل بري لذلك. عاد قبيسي وقرر «إعادة تحريك» الدعوى قضائياً. هكذا، بدا أن القضاء كسيف يحمله فلان ضد فلان، يستله في لحظة، ثم يعيده إلى غمده، إلى ما لا نهاية! في الواقع، لا شيء في القانون اسمه «تجميد الدعوى». هذه بدعة. هناك فقط «تنازل عن الحق» وبعد ذلك لا يمكن الإدّعاء مجدداً في القضية نفسها. اتصلت «الأخبار» بالنيابة العامة التمييزية، أمس، وكان الجواب: وصلتنا دعوى قبل أسبوع، لكن لم يصلنا بعدها أي شيء آخر، لا إسقاط ولا غير ذلك... «أصلاً لا شيء اسمه تجميد». هكذا، يبدو أننا أمام مزحة غير لطيفة، على هامش «متاجرة» السياسيين بقضايا الناس المطلبية، هذه المزحة المبكية... وكأن الناس ينقصها «مسرحيات» إضافية!