لا يزال النائب ميشال عون، هو مرشّح قوى 8 آذار «غير المعلن» لرئاسة الجمهورية. وعلى الرغم من أن لا جديد في هذا الخطاب عند قوى 8 آذار، إلّا أن ما حدث في جلسة مجلس النواب أول من أمس، والاصطفاف الذي قسم المجلس حول إقرار مشروع سلسلة الرتب والرواتب، جعل التيار الوطني الحر على الضفّة المقابلة لحلفائه، ما يشبه إلى حدٍّ بعيد مشهد الانقسام حول التمديد للمجلس النيابي والتمديد لقائد الجيش، الذي وضع حلفاء عون جنباً إلى جنب مع 14 آذار. لكن انقسام أول من أمس حول سلسلة الرتب والرواتب، بدا مشابهاً للمشهد «التأسيسي» يومي 8 آذار و14 آذار عام 2005.
بالنسبة إلى قوى 8 آذار، مواقف عون على مدى السنوات الماضية، بدءاً بوثيقة تفاهم مار مخايل، مروراً بحرب تمّوز، تجعل من الأخير «موضع ثقة في رئاسة الجمهورية»، كما يقول أكثر من مصدر سياسي فاعل. ويقول هؤلاء أيضاً، إن «الظروف الآن تحتّم أن يكون لدى المرشّح لرئاسة الجمهورية إمكانية التواصل مع كل القوى السياسية اللبنانية لبناء علاقة توازن بين هذه القوى في المستقبل، ويمكن القول إن عون لديه هذه الإمكانية».
هذا «الغزل»، يستتبعه هؤلاء بإضافة استجدّت بعد جلسة أول من أمس، إذ تقول المصادر إن «العماد عون حليفنا، لكنّه فضّل في الآونة الأخيرة أن تكون لديه رؤيته الخاصّة». برأي جهات فاعلة في قوى 8 آذار، «شكّل الانقلاب في موقف التيار الوطني الحر من السلسلة في الأسبوع الماضي، وموقف يوم الاثنين، موضع استغراب من قبلنا، بينما انعكس تخبّطاً وإحراجاً لفريق عون النيابي». وبحسب المصادر، فإن «نواب التيار هم من طالبوا برفع قيمة نفقات السلسلة من 1660 مليار ليرة إلى 2800 مليار ليرة، وخلال الفترة الماضية، قوبلت كل محاولة ترشيد أرقام السلسلة بممانعة من قبل نواب التيار، وتعاطى الشباب مع الموضوع وكأنهم ينتظرون مولوداً، وخصوصاً النائب إبراهيم كنعان». «لكنهم وأدوا المولود!»، يقول مصدر نيابي بارز في 8 آذار، ويسأل: «لماذا توارى كنعان عن الأنظار؟ ونبيل نقولا قال لا صوت لي؟ فضلاً عن أن إميل رحمة غاب عن الجلسة، وتبنى فادي الأعور واسطفان الدويهي موقف 8 آذار؟»، ثمّ يجيب المصدر نفسه بنفسه: «البنية النيابية للتيار صُدمت، لأن القرار مفاجئ، وجرى لجمها من دون أن يشرح لها أحد من «فوق» ماذا حصل».
ليس هذا فحسب. ثمّة من يقول إن عون «خضع لضغوط ما سوّقتها القوات اللبنانية، عن أن تصحيح وضع الضريبة على الأملاك البحرية يستهدف المسيحيين! وربّما تأثر الجنرال بالضغوط التي مارستها المدارس الكاثوليكية، وزيارة رئيس تجمّع أصحاب المؤسسات السياحية جان بيروتي له عشية الجلسة، فذهب بخيار تأجيل السلسلة وتشكيل اللجنة».
«هذا ليس صلب الموضوع». تقول مصادر بارزة في 8 آذار مضيفة أن «الجنرال أول من أمس، اختار أن يوجّه رسالة إلى تيار المستقبل، أشبه بتطمين، أنه يستطيع أن يفهم هواجس الفريق الممسك باقتصاد لبنان». وتتابع المصادر: «علينا أن لا ننسى أن الوقت الآن هو موسم انتخابات رئاسية، لكن لا يمكن أن يخضع عون، المعوّل عليه في إجراء إصلاح في بنية النظام السياسي، للرئيس فؤاد السنيورة، الذي انحاز أول من أمس، كما دائماً، إلى جانب أصحاب رؤوس الأموال، لا إلى عموم الشعب اللبناني».
من جهته، يقول أحد نواب كتلة التغيير والإصلاح: «إن موقفنا من تأجيل السلسلة وإعطاء مهلة للجنة، لا علاقة له بالانفتاح على المستقبل، بل يُشكر التيار على هذا الموقف، لأن قوى 14 آذار وكتلة النائب وليد جنبلاط أرادت إسقاط السلسلة، وإذا سقط مشروع في مجلس التصويت، فلا يمكن إعادة طرحه إلّا في العقد الجديد للمجلس، أي في تشرين الأول المقبل، الجنرال منع ترحيل السلسلة، ومنح فرصة للتشاور من جديد».
هو موسم انتخابات رئاسية إذاً، وعلى ما تهمس به مصادر نيابية في 8 آذار، فإن الوقت فاصل بين اليوم و25 أيار المقبل، «قد يحمل الكثير من المفاجآت».

يمكنكم متابعة فراس الشوفي عبر تويتر | @firasshoufi