«أدرس إجراءً متعلّقاً بخدمة الهاتف الخلوي، ولدي إجراءات أكبر وأكثر أهمية لأسعار الإنترنت». يبعث تصريح وزير الاتصالات بطرس حرب، منذ أيام، على الحماسة والترقّب في آن واحد. فثقة المستهلك اللبناني بالوعود التكنولوجية تبقى هشة إلى حين تحققها فعلياً.
قد يُطبَّق الإجراء الخاص بالأسعار على صعيد خدمات الخلوي – أي الاتصالات الصوتية والرسائل – «على نحو تدريجي»، حسبما أوضح الوزير في مقابلة مع «رويترز»، «إلا أن سعر الإنترنت سينخفض على نحو كبير، وسترافقه زيادة في السرعات، ما سيشجّع الناس على استخدامه».
يأتي هذا الوعد الجديد، بعدما كان الوزير قد أقرّ أخيراً خفض كلفة الاتصالات الدولية عبر الهاتف الثابت والخلوي بمعدّلات عالية وصلت إلى النصف، وذلك لتحفيز الطلب على هذه الخدمة التي يبدو أنها تتجه صوب المتاحف التكنولوجية، في ظلّ خدمات الاتصالات عبر الإنترنت (VOIP).
ويؤمل من الخطوات المرتقبة، أن تؤدّي إلى تحسين إضافي في الخدمات والأسعار، وبالتالي تجربة المستهلكين وعلاقتهم مع التكنولوجيا التي لطالما كانت مشوبة بضعف الثقة. إذ عانى المستهلك اللبناني سنوات طويلة في مجال الاتصالات بعد الحرب، نتيجة الاحتكارات والألعاب السياسية التي غطت إحدى أكبر الفضائح في لبنان.
أريد أن تلبّي الاتصالات حاجات الناس وأن
يتمكنوا من استخدامها أينما كانوا في لبنان
وبقي قطاع الاتصالات عموماً في الحضيض حتى قبل أربع سنوات، حين بدأت عملية إعادة طموحة. وفي خريف عام 2011، صدر عن مجلس الوزراء مرسوم طال انتظاره كثيراً: خفض أسعار الإنترنت السريع الثابت بمعدلات ملحوظة وصلت إلى 70% في حالة الخطّة الأرخص. حينها خلصت الهيئة المنظمة للاتصالات في دراسة مقارنة مفصّلة إلى أنّ هذا السعر هو أدنى من المعدل السائد في البلدان العربية على هذا الصعيد.
تقنياً، يفيد تقرير الاتحاد الدولي للاتصالات لعام 2013، بأنّه على مستوى الأسعار حلّ لبنان في المرتبة الـ 63 عالمياً والسابعة عربياً لناحية كلفة الإنترنت الثابت (DSL)، نسبة إلى حصة الفرد من الناتج. ورغم أن هذه النتيجة تُعدّ تقدماً ملحوظاً مقارنة بالوضع الذي كان سائداً، إلا أنّه نظراً إلى التفاوت الاجتماعي الحاد في لبنان، لا يُمكن الركون كلياً إلى مؤشر «حصة الفرد من الناتج» لحسم وجود العدالة التكنولوجية أو غيابها.
ولدى قياس الأسعار السائدة في مجال الإنترنت عبر الخلوي – أي عبر تقنية الجيل الثالث – حلّ لبنان في المرتبة الـ 64 عالمياً. عموماً، مرتبة لبنان هي 60 عالمياً، بحسب مؤشّر «سعر سلّة التكنولوجيا» – التي تحوي معدلات أكلاف الاتصالات من الخدمات الصوتية إلى الإنترنت. تبقى هذه السلّة ثقيلة على ميزانية المستهلك اللبنانية، رغم الابتكارات الكثيرة التي يتوصّل إليها من إبقاء الخطوط الخلوية صالحة عبر «شحن الأيام»، ولعلّه الإجراء الوحيد من نوعه في العالم!
لكن بحسب التقرير نفسه، سجّل لبنان التقدم الأكبر في العالم، بحسب مؤشر تطور قطاع تكنولوجيا المعلومات بين عامي 2011 و2012، بلغ مؤشره 5.37 نقاط، وذلك نتيجة أداء لافت على صعيد الولوج إلى التكنولوجيا والخدمات.
أما لناحية الترتيب، فقد حقّق تقدّماً بواقع تسع درجات، وحلّ في المرتبة الـ 52 عالمياً.
«لقد تمكّن لبنان من ترجمة التقدّم المحقق في الوصول إلى خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى استخدام أكثر كثافة للخدمات»، يقول خبراء المنظمة الأممية. وعُدّ لبنان أنه من بين أكثر البدان دينامية في التقدم على هذا المستوى. وفي الواقع، حقّق ثاني أكبر قفزة في الترتيب العالمي، فيما حقّقت الإمارات العربية المتحدة القفزة الأبعد، حيث تقدّمت 12 درجة وحلّت في المرتبة الـ 33 عالمياً.
من منظور إقليمي، حلّ لبنان خامساً بين البلدان العربية التي تقدمتها قطر تليها الإمارات البحرين والسعودية. وفاق المؤشر الذي حققه المعدل السائد بين بلدان الضاد، إضافة إلى المستوى العالمي ومعدّل البلدان النامية.
فهل تؤدّي الخطوات التي يُبشّر بها الوزير بطرس حرب إلى قفزة لبنانية أكبر هذه المرّة؟ هو اليوم يطرح تساؤلات لطالما طرحها المستهلكون: «لماذا يتكبد اللبنانيون على الاتصالات الخلوية كلفة هي الأعلى في العالم؟». يتطلع إلى واقع جديد: «أريد أن تكون أسعار الاتصالات في لبنان في المستوى السائد عالمياً. أريد أن تلبّي الاتصالات (الخلوية) حاجات الناس. أريد أن يتمكن كلّ منا من استخدام هاتفه أينما كان في لبنان».
كثيراً ما خابت وعود في قطاع الاتصالات، إن بسبب المناكفات السياسية أو نتيجة المصالح المتضاربة، كلّ ما علينا فعله أن ننتظر ونرى.


يمكنكم متابعة حسن شقراني عبر تويتر | @HassanChakrani