«خلّيه يحلم هو وجماعتو شي شهر زمان»!. هكذا علّق أحد كتائبيي زحلة، بتهكم، على صور رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع التي انتشرت في عروس البقاع، مذيّلة بعبارة «فخامة الرئيس». تعليق يعبّر عن الود المفقود بين الكتائب والقوات، والذي يتمظهر في زحلة أكثر من أي مكان آخر.
في زحلة، يتصدّر ترشح جعجع لرئاسة الجمهورية أحاديث الصالونات والشوارع. أصحاب شعار «حيث لا يجرؤ الآخرون» يبدون متيقنين من تحقق «الحلم» بوصول قائدهم الى سدّة الرئاسة الاولى. قناعة دفعت برجل الأعمال إبراهيم الصقر، المرشح الموعود من قبل «الحكيم» عن المقعد الماروني، إلى إغراق المدينة بصور «فخامة الرئيس»، بعدما أغرقها سابقاً بصور جعجع تحت شعار «صاحب مبدأ».
وكان نجم الصقر قد لمع بعد خطف ابنه ميشال، قبل شهر ونصف الشهر، وقيادته «انتفاضة» أغلقت مداخل المدينة. وعلى رغم التعاطف الذي لقيته هذه القضية، كون المخطوف طفلاً، إلا أن لهجة التحدي التي رفعها الصقر في وجه أبناء البقاع ومحاولته التصويب على طائفة معينة وتسييس عملية الخطف ومذهبتها، ومن ثم تجيير إطلاق سراح نجله لمعراب عبر رفعه صوراً لجعجع مذيّلة بشعار «الحكيم رجّال»، أثارت سخطاً بين أبناء المدينة. إذ رأى فيها هؤلاء محاولة لتجيير قرار المدينة، التي يعرف عنها أنها «مقبرة الأحزاب»، الى حزب القوات اللبنانية حصراً.
ومع إعلان جعجع ترشحه رسمياً، ازداد منسوب التحدي و«البهورة» القواتية في زحلة في وجه شخصيات المدينة التاريخية على أساس أن «القائد جايي رئيس حتماً». وهو ما دفع آل الصقر الى الدعوة الى اجتماع عائلي، حضره ابراهيم الصقر، تمنّوا فيه عليه التخفيف من لهجته وتحركاته في المدينة التي لا تكترث كثيراً بالتحالفات الحزبية بقدر اكتراثها بالعلاقات العائلية.
حماسة صقر القوات في زحلة، تسبق بأشواط حماسة نواب كتلة القوات طوني أبو خاطر وجوزف المعلوف وشانت جنجنيان. وفيما يبدو الأول والثاني ملتزمَين رد الجميل للحزب الذي أوصلهما الى الندوة البرلمانيّة، يُسجّل حراك لافت للأخير الذي تردّد أن جعجع كان ينوي استبداله بمرشح آخر عن مقعد الأرمن الأرثوذكس في زحلة، في الانتخابات التي أرجئت العام الماضي بعد التمديد لمجلس النواب.

ماذا عن الحلفاء؟

النائب الكتائبي إيلي الماروني يفضّل عدم الردّ على الأسئلة المتعلقة بموضوع الرئاسة، مكتفياً بالقول «بعد بكير، وكل شي بوقتو حلو»، رغم تحديد 23 الجاري موعداً لجلسة الانتخاب، فيما تنقسم آراء جمهور «التيار الأزرق» في البقاع الأوسط، بين قلّة تؤيد ترشيح رئيس حزب القوات، وغالبية تتريث في إعلان موقفها في انتظار صدور مواقف واضحة من قيادة التيار في هذا الشأن، من دون أن يخفي هؤلاء تحفظاتهم على جعجع وصعوبة تسويقه بين «الجمهور السني» كرئيس للجمهورية. ويقول منسق التيار في إحدى قرى البقاع الأوسط بالقول: «صحيح أننا ندعم مواقف جعجع، وتحالفنا معه ثابت، لكن هذا لا يعني بالضرورة الوقوف الى جانبه في هذه المعركة».
في المقلب الآخر، تفضّل كوادر التيار الوطني الحرّ عدم التعليق على ترشّح جعجع، التزاماً منهم بقرار الرابيّة عدم الدخول في سجالات في هذا الشأن. أما المستقلون الذين يدورون في فلك الكتلة الشعبيّة، فيكتفون حتى الآن بمراقبة ما يجري من خلط أوراق في الساحة الزحلية، فيما لا يزال النائب نقولا فتوش يغرد وحيداً في انتظار ما ستحمله الفترة المقبلة من مفاجآت على صعيدي الاستحقاق الرئاسي والانتخابات النيابية.