يخال المرء وهو يقرأ تصريحات آثار الحكيم المنتقدة لعري هيفا وهبي في فيلم «حلاوة روح»، ووصفها لبنان بأنّه بلد العري والانفلات، بأنه يقرأ تصريحات لمسؤولة الإرشاد في حركة الإخوان المسلمين. التصريح يذكّر بلغة ارتبطت بالحركات الإسلامية المتشددة التي تحيل كل فنّ إلى العري، وكل شعب «متحرر» (اجتماعياً) إلى الانفلات الأخلاقي. وكان المرء ليتفهم هذا النوع من الانتقادات إذا صدرت عن الإخوان، أو من يعادلهم.
بل أكثر، كان يمكن أن يُبلع هذا الكلام، لو صدر عن شخصية جاهلة بتاريخ السينما المصرية، لا مشاركة أساسية في صناعة عصر ذهبي للسينما المصرية قائم على المشاهد الجريئة التي لا تخلو من التعري والقبل الحميمة والثياب الداخلية والمايوه. ولا نكشف سراً حين نقول إن «ديناصور» الإغراء في السنيما المصرية انقرض، لصالح أفلام تتوخى الاحتشام في محاكاة لواقع المجتمع المصري المحافظ الذي ـــ رغم «احتشامه» ـــ يسجّل أكبر نسبة تحرش جنسي في العالم العربي. ولا تأتي هيفا اليوم، لتعيد المجد إلى السينما المصرية الضائع، فلا تجوز مقارنتها بهند رستم أو ميرفت أمين أو سعاد حسني أو ليلى علوي أو صباح أو نبيلة عبيد أو ناديا الجندي... ولا تجوز، طبعاً، مقارنتها بآثار الحكيم. بالنسبة إلى الجمهور العربي، هيفا رمز جنسي sex symbol، ونجمة إغراء، وهذا لا يحتاج إلى بحث، وليس عيباً أيضاً. وفي تعليقها على منع الفيلم من قبل مجلس الوزراء المصري، أعلنت هيفا احترامها للقرار، فيما سجّل صنّاعه، وخصوصاً مخرجه سامح عبد العزيز، تعرّضهم للظلم.
التصريحات المهاجمة لهيفا جاءت من
فنانين يتزلفون
للنظام العسكري

آثار الحكيم، تناست أنّ الفيلم من إنتاج مصري، وإخراج مصري، وهيفا ليست سوى ممثلة تنفذ ما يطلبه منها المخرج المصري الذي يعاني في إيجاد ممثلات مصريات يقدمن على تجاوز «المحظورات» التي سيطرت على السينما المصرية، فاضطر إلى الاستعانة بفنانات لبنانيات لتأدية مشاهد مغرية. هذا ما حدث في «التجربة الدنماركية» مع نيكول سابا، وفي «دكان شحاتة»، حيث استعان خالد يوسف بهيفا لأداء مشاهد مغرية. هل تعكس الأدوار التي تضطلع بها الفنانات اللبنانيات في السينما المصرية صورة المجتمع اللبناني؟ لا داعي للقول إنّ السينما اللبنانية في الحضيض، وإن المسلسلات اللبنانية لا تحتوي منذ عشرات السنوات على مشاهد ساخنة، ولا حتى على قبل حميمة. وهذا لا يعني أن الإغراء رافعة السينما، فلا شك أنّ «حلاوة روح» ليس بالمستوى الذي يجعله جديراً بالمشاهدة، بل يستخدم الإغراء وسيلة لاستجداء المشاهدين. لكن إذا كان سبب منع الفيلم من قبل مجلس الوزراء المصري هو «خدش حياء الجمهور»، فإن آثار الحكيم، ومعها مجموعة من الفنانين المتزلفين للنظام العسكري المتمثل بالمشير عبد الفتاح السيسي، قرروا تقديم أوراق اعتمادهم للنظام الجديد عبر استحضار لغة الإخوان. هذا محمد صبحي، صاحب عشرات مشاهد الإغراء في السينما المصرية، يقول إنه كان ليعتزل الفن لو لم يمنع مجلس الوزراء الفيلم، وإنه يخشى على أحفاده من مشاهده. فتش عن السياسة، لا عن الفن، ولا عن الدين.