نفت وزارة الطاقة والمياه أن تكون قد تسلّمت أي كتاب من وزير البيئة محمد المشنوق يطالب بوقف العمل في مشروع سد جنة. وقالت الوزارة في بيان «من باب الحرص على تبيان الحقائق لإنارة الرأي العام ووضع الأمور في نصابها، إن الدراسات الأولية والتفصيلية لمشروع سد جنّة بوشر بإعدادها في عام 2005، وقد تضمنت دراسة الأثر البيئي للمشروع التي أنجزت في عام 2006، مراعية الأحكام القانونية السائدة في حينه كافة، أي قبل صدور المرسوم رقم 8633 الذي ينظم أصول تقييم الأثر البيئي».
وأشارت الوزارة إلى أن إطلاق المناقصة لتنفيذ المشروع وإرساء التلزيم تمّا أيضاً قبل صدور المرسوم المذكور. وفي هذا السياق، يرى وزير الطاقة والمياه أرتور ناظريان أن «العودة إلى الوراء، أي إلى فترة ما قبل إصدار المرسوم، أمر مستحيل، خصوصاً أن آلاف الملفات في الدولة قد تم البدء بها قبل الـ2012».
ورغم الحديث عن دراسة الأثر البيئي التي أعدّت في عام 2006، كشفت مصادر مطلعة في وزارة البيئة أن الوزارة لم تتسلّم أي شيء في هذا الخصوص، مؤكدة أن ما من مستند يتعلق بمشروع سدّ جنّة لديها. وفي هذا السياق، يشدد الوزير المشنوق على أنه رغم الإعداد للمشروع عام 2005 والبدء بلتزيمه قبل صدور مرسوم تقييم الأثر البيئي، فإن قانون البيئة الصادر عام 2002 «يُلزم من يقوم بهذا النوع من الأشغال أن يُرسل تقييم الأثر البيئي إلى وزارة البيئة»، مشيراً إلى «أننا حتى الساعة لم نطّلع على شيء ولم تردنا أي دراسة». ويوضح أن «التأكد من عدم إلحاق الضرر بالبيئة هو واجب وحق بالنسبة إلينا، وليس كمسألة استشارية يمكن الأخذ بها بعين الاعتبار أو عدم إعطائها أي أهمية»، كاشفاً عن اتصالات كثيرة وردته من قبل خبراء «ينتقدون الطريقة التي اتبعت في تنفيذ هذا المشروع». وعن سبب عدم إرسال الدراسة إلى وزارة البيئة منذ الـ2006، يقول ناظريان: «أنا جديد في الوزارة والوزير المشنوق أيضاً، فقد يكون قد تم إرسالها في السابق ولم نعلم بذلك».
من المتوقع
أن تصل الدراسة
إلى «البيئة» في اليومين المقبلين
أي شيء يمكن أن يحدث في الواقع، ولكن أن تضيع دراسة تُقيّم الأثر البيئي لثاني أكبر سد في لبنان والأكثر ارتفاعاً في المنطقة، في حال أرسلت حقاً إلى وزارة البيئة، فهذه مشكلة. وإذا لم تُرسل منذ 6 سنوات إلى الوزارة المعنية، فهذه أيضاً مشكلة.
وعلى أي حال، علمت «الأخبار» أن الوزير المشنوق التقى بوزير الطاقة في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي عقدت أمس في المجلس النيابي، وقد تداول الوزيران بمسألة سد جنّة، فحصل المشنوق على وعد من ناظريان بأنه سيرسل الدراسة إلى وزارة البيئة.
وهذا ما فعله ناظريان بعد ظهر أمس، حيث إن من المتوقع أن تصل الدراسة إلى «البيئة» في اليومين المقبلين. وفي هذا السياق، يرى المشنوق أن إرسال الدراسة هو من واجب ناظريان، «ونحن سندرسها بدورنا خلال فترة أسبوعين من إرسالها لنا، وسنعطيه رأينا في الموضوع».
وينفي أن يكون للموضوع خلفيات سياسية، متسائلاً: «هل الذين قاموا بالدراسات التي تثبت أضرار هذا السدّ في حال إنشائه هم جميعاً ضد الوزير جبران باسيل؟ فهذه ليست مقاربتنا للمسألة».
أما ناظريان، فوضع ما يُحكى عن عدم إمكان أن يقف بوجه مشروع أنجزه باسيل في حال أثبت ضرره على المصلحة العامة في إطار «الحكي الفارغ... وما عليه جمرك»، مؤكداً سيره وفق الأصول.
وفي كتاب أرسله رداً على بيان وزارة الطاقة، جدد المشنوق الدعوة إلى وقف تنفيذ الأشغال في منطقة نهر إبراهيم «إلى حين بتّ الموضوع». أما الوزير ناظريان، فأكد أن «كل شيء سيتم وفق الأنظمة المعتمدة، خصوصاً بين الوزارات. فلا وجود لإشكالات ولا نريدها أن تحصل».
يدعو الوزيران اليوم إلى «عدم استباق ما ستقوله وزارة البيئة في هذا الخصوص، وإلى عدم أخذ الأمور بسلبية سلفاً». فجلّ ما يريده الوزير المشنوق «هو التقصّي لمعرفة ما إذا كان لهذا المشروع ضرر حقيقي على البيئة والمحيط أو لا». أما ناظريان، فسيأخذ قراره بعد رؤية «ما ستؤول إليه الأمور».
وفي هذا الوقت، قررت الحركة البيئية اللبنانية التحرك باتجاه التعمق في الدراسات الأجنبية الصادرة حول السد، فطلبت من اختصاصيين لبنانيين في مجال التنوع البيولوجي والجيولوجيا إجراء تحليل مفصّل عنها.
وإضافة إلى ذلك، طلبت من اختصاصيين في المجال القانوني إبداء الرأي في جدوى دراسة أعدّت عام 2006 ولم يتم البدء بتنفيذ مشروعها إلا بعد 6 أعوام، وإذا ما كان يسري عليها مفعول قانون عام 2002 رغم عدم صدور مراسيمه التنظيمية إلا في نهاية عام 2012، أي بعد تلزيم الأعمال في السد.
وتقول وزارة الطاقة إن مشروع سد جنة سوف يؤمن 95 مليون متر مكعب إضافي من مياه الشفة تستفيد مدينة بيروت من 65 مليون متر مكعب منها، فضلاً عن مشروع إنتاج الطاقة الكهرمائية بقدرة 150 ميغاوات.