لم تُحدث الاتصالات السياسية أي تقدم جدي في شأن الانتخابات الرئاسية. كل القوى لا تزال على مواقفها. رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أكّد أمس أنه مستمر في ترشحه، مستعيناً بالأصوات الـ48 التي حصل عليها، لإعلان براءته من الاحكام القضائية التي صدرت وأدانته بارتكاب عدد من جرائم الاغتيال. وبعيداً عن جعجع، بقيت معظم القوى السياسية تؤكد أن جلسة 30 نيسان المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية لن تنعقد، بسبب عدم تأمين النصاب إلا في حال التوافق على اسم رئيس جديد للجمهورية. وإضافة إلى النية الواضحة بتطيير النصاب، بدأ طوق «التحركات المطلبية» يضيق حول الجلسة.
فبعد عقد المكاتب العمالية لأحزاب وقوى 8 آذار والتيار الوطني الحر اجتماعاً أول من أمس دعت فيه القوى النقابية إلى «رفع وتيرة التنسيق والترابط في ما بينها، وصولاً إلى يوم مطلبي (…) يؤكد فيه النقابيون أنهم الأقدر على فرض إرادتهم في اقتصاد وطني، وينهي حقبة هيمنة أصحاب الثروات على السياسة في لبنان»، بالتزامن مع هذا الكلام العالي النبرة، دعت اتحادات النقل إلى «انتفاضة السائقين» العموميين يوم 28 نيسان، من خلال مسيرتين سيارتين تنطلقان من الكولا والدورة إلى ساحة رياض الصلح، للمطالبة بتنظيم القطاع. في اليوم التالي، ستكون الساحة نفسها على موعد مع تحرّك يريد منظّموه أن يكون حاشداً جداً، لهيئة التنسيق النقابية، للمطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب. برنامج التحركات لا يقتصر على الهيئة والسائقين، إذ خصص الاتحاد العمالي العام يوم الجلسة (30 نيسان) باعتصام في ساحة رياض الصلح، عند الحادية عشرة، أي قبل ساعة واحدة من موعد انعقاد الجلسة الانتخابية، للاحتجاج على «السياسة الضريبية».
مصادر في فريق 8 آذار ترفض الربط بين هذه التحركات وموعد جلسة الانتخاب الرئاسي، لافتة إلى أن موعد تحرك هيئة التنسيق، مثلاً، محدد قبل أن يعلن بري موعد جلسة الانتخاب الثانية. لكن مصادر أخرى من الفريق ذاته، ومن فريق 14 آذار، تحدّثت عن «صعوبة تصديق عدم وجود رابط بين التحركات المطلبية من جهة، وملف سلسلة الرتب والرواتب والانتخابات الرئاسية من جهة أخرى».

بري: جلسة الرئيس لا المرشح

على صعيد آخر، وفي زيارة نادرة، في الغالب هي الاولى لبطريرك ماروني، لرئيس مجلس النواب، زار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الرئيس نبيه بري في عين التينة أمس، وتبادلا الرأي في نتائج جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الاربعاء الماضي. وكان سبق للراعي أن زار بري في المصيلح في نطاق جولته على الجنوب بعد انتخابه، وأولم له يومها رئيس المجلس وتبادلا الكلمات. إلا انها المرة الاولى بطابعها أمس.
ولاحظ بري في تقويمه لزيارة الراعي أن ما أدلى به بعد اجتماعه «يفتح نافذة جديدة على الاستحقاق» في معرض قول البطريرك بوصول رئيس مقبول من كل الأفرقاء. وأيّد بري وجهة نظر الراعي «أن الرئيس قوي بتوافق الاطراف عليه».
بري: لم يفاتحني
اي من السفراء
في انتخابات
الرئاسة بعد
وأبدى الراعي لرئيس المجلس ارتياحه الى جلسة الاربعاء واكتمال نصابها وإجراء الدورة الاولى من الاقتراع، إلا أنه أمل لو استمرت الجلسة وأجريت دورة تلو أخرى لانتخاب الرئيس. فردّ رئيس المجلس بأن ذلك كان ممكناً لو لم يفقد النصاب، وذكّر بكلامه أن نواب كتلته سيحضرون الجلسة ولن يتغيّبوا عنها. لكنه لاحظ أن عقد دورات اقتراع أخرى متتالية في تلك الجلسة «لم يكن ليؤدي الى أي نتيجة ملموسة، وهي ستكون على صورة الدورة الاولى، ولن يكون في وسع أي فريق الحصول على 65 صوتاً للفوز جراء توزع القوى».
وقال بري أمام زواره مساء أمس أنه سيستمر في تحديد مواعيد جلسات الانتخاب، إلا أنه سينتظر بعد كل موعد جلسة نصف ساعة لاكتمال النصاب القانوني، وفي حال عدم اكتماله يحدد موعداً لاحقاً. وقال: «كنت أفضل تحديد موعد الجلسة الثانية اليوم التالي وليس بعد أسبوع، إلا أنه لا تطور ملموساً على صعيد الاستحقاق، ليس هناك مرشحون. الاربعاء المقبل موعد بعيد، لكنه ملائم لإجراء اتصالات وبلورة المواقف. إلا أنني أفضّل في كل حال جلسات متقاربة في مواعيدها». وأضاف: «حتى الآن لا أحد يستطيع إحداث خرق في الاستحقاق كي يتحرك فعلاً».
ولفت الى أن أياً من السفراء لم يفاتحه في انتخابات الرئاسة بعد، لكن صحف أمس استوقفته في معرض تغطيتها جلسة الدورة الاولى و«استنتاجاتها المبكرة بعدما عكست صورة سوداوية للاستحقاق بتوقع الفراغ الرئاسي. الواقع ليس كذلك. أجرينا الدورة الاولى وانتقلنا الى الدورة الثانية، والمهلة الدستورية لا تزال أمامنا. إلا أن الدورة الثانية لن تكون جلسة مرشحين بل جلسة رئيس، وذلك يقتضي حضور 86 نائباً على الأقل، ما يعني أن الرئيس سينتخب لكون الحضور سيعكس توافق الافرقاء سلفاً عليه. كانت جلسة الاربعاء الماضي بروفة ونتائجها معروفة سلفاً، والتقديرات التي أوردتها الصحف عنها متقاربة، وتحدثت عمّا كان سيحصل وحصل بالفعل. لكن الآن نحن ذاهبون الى جلسة انتخاب الرئيس لا اختبار المرشح».