المكتبة الموسيقية

الحلقة ٥٣ – يا عمّال العالم

  • 0
  • ض
  • ض

في المجتمعات، على اختلاف أنظمتها وعلى مدى تاريخ، هناك وحدة حال بين العمّال والمقاومين وغالباً ما يكون العامل مقاوماً. لا حاجة أبداً للدخول بالأسباب، فهي معروفة وواضحة. لذا، تراهم يحتفلون بعيد العمّال كتفاً إلى كتف.
من هذا المنطلق، يقع اختيارنا الموسيقي لهذه المناسبة على أغنية تجمع الفئتَين المذكورتَين وتحمل عنوان "Bella Ciao". هذه الأغنية الإيطالية أشهر من أن تُعرَّف عالمياً. غنّاها كثيرون وترجمها البعض الآخر إلى لغات مختلفة، لكن بقيت النسخة الإيطالية على رأس قائمة التداول.

"Bella Ciao" (صباح الخير يا حلوة) لا ملحن لها ولا كاتب. إنها أغنية شعبية كان ينشدها عمّال حقول الأرُزّ في إيطاليا، وخصوصاً الفتيات اللواتي كُنّ يعملْن، تحديداً، في نزْع العشب البرّي الذي يؤذي الزرع ويعطل نموّه. وتقول بعض كلماتها (بتصرُّف طفيف): بالكاد حلّ الصباح / فصباح الخير يا حلوة / بالكاد حلّ الصباح / يجب أن أذهب إلى حقل الأرُزّ... ربّ العمل واقفٌ والعصا بيده / ونحن نعمل منحنيات... الساعات التي نمضيها هنا / نفقد معها عمر الشباب... لكن سيأتي يومٌ / نعمل فيه بحرية.
عام 1913 ولدَت جيوفانّا دافيني. بدأت حياتها في العمل صغيرة في حقول الأرُزّ. كانت تردِّد مع رفيقاتها هذه الأغنية. لاحقاً، وبما أنها كانت صاحبة صوت جميل وتعزف الغيتار، سجّلت هذه الأغنية بعدما شاركت في مقاومة الفاشية خلال الحرب العالمية الثانية. وكان المقاومون قد حوّلوا هذه الأغنية إلى نشيد ثوري صار لاحقاً رمزاً لليسار الإيطالي والعالمي، لكنهم حافظوا على اللازمة التي تفصل بين كل الأبيات، وهي: Bella Ciao (صباح الخير يا حلوة). تقول الكلمات الجديدة (أيضاً بتصرُّف، خاصةً في كلمة تتكرر وتحمل معنى "محازب" لكننا سنتعيض عنها بـ"رفيق"): صحوت ذات صباح / فوجدت المحتلّ (في بلدي)... خذني يا رفيقي / أشعر أنني أموت... إن متّ، وأنا رفيقك / فعليك أن تدفنّي... أن تدفنّي على الجبل / في ظلّ وردة جميلة... هكذا يمرّ الناس / فيقولون لي: "يا للوردة الجميلة"... هذه وردةُ رفيقٍ / مات من أجل الحرية.
بعد جيوفانا دافيني، أنجِزَت عشرات التسجيلات لهذه الأغنية، اخترنا منها تلك التي تحمل توقيع إيف مونتان، الممثل والمغني الفرنسي من أصلٍ إيطالي. النسخة التي اعتمدها الرجل هي الأكثر انتشاراً لناحية النصّ، أي النشيد الثوري لا أغنية المزارعين.في السياق ذاته، وبما أن حصّة العمّال مضاعفة – هنا، في الموسيقى فقط مع الأسف – اخترنا أغنية ثانية من وطننا العربي هي "سلام يا أرضنا" للشيخ إمام (من ألحانه وأدائه وكلمات أحمد فؤاد نجم – نعتذر عن رداءة التسجيل).
نهدي الحلقة إلى المزارِعة المقاوِمة الحاجّة أم علي، التي لا زالت تزرع أرضها في الجنوب على بعد أمتار قليلة من فلسطين المحتلة. العدو يراقب. شتلة التبغ تنمو. وهي تنزع العشب البرّي الذي يهدِّد "صغارها"، اليوم ومنذ أكثر من سبعة عقود... Bella Ciao أم علي.

  • TitleBella Ciao
  • Titleسلام يا أرضنا

0 تعليق

التعليقات