لا يبدو أن حلاً يلوح في الأفق في ملف العلاقات الأميركية المصرية، وتحديداً في ملف المساعدات العسكرية المقدمة من واشنطن للقاهرة. زيارة وزير الخارجية المصرية نبيل فهمي المستمرة لم تنجح كما يبدو في طمأنة واشنطن إلى سير الأوضاع في البلاد. وجاء الحكم القضائي بتحويل أوراق 683 متهماً من جماعة الإخوان المسلمين المحظورة وإعدام 37 آخرين ليزيد من تعقيد الصورة، ما أثر في قرار الكونغرس الأميركي للموافقة على قرار الإفراج عن 650 مليون دولار، قيمة المساعدات العسكرية للقاهرة.
هذا على الأقل ما أعلنه رئيس اللجنة الفرعية المسؤولة عن موازنة الشؤون الخارجية والمساعدات الدولية في الكونغرس، السيانتور الديموقراطي، باتريك ليهي، كاشفاً عن أنه يعرقل دفع المساعدة المالية التي أعلنتها وزارة الدفاع (البنتاغون) للجيش المصري، وذلك احتجاجاً على قرار الإعدام.
وقال ليهي: «لذلك لست مستعداً للموافقة على دفع مساعدة إضافية للجيش المصري»، مضيفاً: «لست مستعداً للقيام بذلك، ما دمنا لا نرى دليلاً مقنعاً على أن الحكومة ملتزمة دولة القانون».
بدوره، صرح زميل لليهي لوكالة «فرانس برس» بأن الكونغرس «يحتاج لمزيد من التفاصيل حول طريق استخدامهم للمال»، مضيفاً: «عند حصول الكونغرس على هذه المعلومات يمكن عندها اتخاذ قرار».
ومن الحلول الممكنة الاستمرار في تمويل العقود الجارية مع مزودين عسكريين أميركيين، ما يشكل الحيز الأكبر من المساعدة العسكرية. وفي هذا الإطار أوضح المصدر «أن مواصلة الدفعات للعقود الأميركية السارية ليس مشكلة، لكن تسليم هذه الأسلحة أو التجهيزات إلى القاهرة سيعلق في الوقت الحالي»، فباتريك ليهي «لا يريد مكافأة سلوك اعتبره، هو وغيره، مشيناً».
ويأتي هذا الإعلان بينما التقى وزير الخارجية المصري نبيل فهمي في سياق زيارته لواشنطن، وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل، في مقر البنتاغون، من دون الإدلاء بأي تصريح صحافي عقب الاجتماع.
وبحسب مصدر دبلوماسي داخل البعثة المصرية في العاصمة الأميركية، فإن هاغل أبلغ فهمي بأن وزير الخارجية جون «كيري سيقدم تقريراً للكونغرس (لم يحدد موعداً) يفيد بأن مصر لا تزال تحافظ على علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة، وتلتزم اتفاقية السلام مع إسرائيل الموقعة عام ١٩٧٩».
ووفقاً للمصدر، الذي تحدث لوكالة «الأناضول» شرط عدم نشر اسمه، قال: «لكن هيغل أضاف أن كيري ليس بمقدوره أن يؤكد للكونغرس أن مصر تلتزم خريطة الطريق لدعم عملية انتقال ديموقراطي، وتحترم حقوق الإنسان».
واكتفى موقع وزارة الدفاع الأميركية على الإنترنت بالقول إن الوزيرين بحثا قضايا محل اهتمام مشترك، دون أن يذكر مزيداً من التفاصيل.
في سياق متصل، نبهت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها السنوي عن الإرهاب أن «حالة عدم الاستقرار الشديدة» في مصر أدت إلى «زيادة في النشاطات المتطرفة العنيفة» في منطقة سيناء ومدن مصرية بينها العاصمة القاهرة.
ورغم أن التقرير الصادر أمس، تحدث عن اعتراف الإسرائيليين بـ«الدور الإيجابي» للحكومة المصرية في مكافحة تهريب الأسلحة عبر الأنفاق إلى غزة، فإنه نقل مخاوف إسرائيلية من تهريب صواريخ بعيدة المدى من سيناء إلى غزة عبر الأنفاق.
من جهة أخرى، كشف النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد عن وجود تحركات يقودها أمير الكويت الشيخ صباح الصباح، لتقريب وجهات النظر بين مصر وقطر.
وأكد الخالد، في تصريحات خلال جلسة حوارية بالملتقى الإعلامي العربي في دورته الـ 11 التي تستضيفها الكويت، نشر أمس، حرص الكويت على «لم الشمل بين الأشقاء وتعزيز مسيرة العمل الخليجي والعربي المشترك».
في السياق، حجزت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، أمس، جلسة 7 أيار المقبل، للنطق بالحكم في دعوى قضائية تطالب باعتبار قطر من «الدول الداعمة والممولة للإرهاب»، بحسب مصادر قضائية. في إطار آخر، ما زالت قضية الأحكام بالإعدام على عناصر من جماعة الإخوان المسلمين المحظورة محور اهتمام دولي ومحلي.
ودخلت المنسقة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الوروبي كاثرين آشتون على الخط، ودعت آشتون السلطات المصرية لأن تلغي فوراً أحكام الإعدام الصادرة.
وأكدت آشتون أن هذا الاتجاه بات يهدد أي آفاق للتغلب على الانقسامات داخل المجتمع في مصر وضمان التقدم نحو مصر ديموقراطية ومستقرة ومزدهرة من خلال عملية سياسية مفتوحة لجميع المواطنين.
وطالبت منظمات حقوقية مصرية، وجميعها منظمات غير حكومية، في بيان مشترك، بإحالة ملف القضيتين للمجلس الأعلى للقضاء (أعلى جهة إدارية تنظم عمل القضاة) للتحقيق مع هيئة المحكمة التي أصدرت تلك الأحكام.
قضائياً، قضت محكمة جنايات شمال القاهرة، بحبس المرشد العام للجماعة، محمد بديع، و20 آخرين سنة؛ بدعوى «إهانة القضاء»، خلال نظر المحكمة القضية المعروفة إعلامياً بـ«وادي النطرون»، بحسب مصدر قضائي.
وقضت المحكمة عينها بحبس الداعية الإسلامي صفوت حجازي سنة مع الشغل لإدانته بـ«إهانة القضاء».
إلى ذلك، أعلن المرشح لانتخابات الرئاسة، حمدين صباحي، أنه في حالة فوزه بالانتخابات المقررة يومي 26 و27 أيار المقبل سيسقط قانون التظاهر الذي صدر في شهر تشرين الثاني الماضي، وسيفرج عن «كافة المعتقلين السياسيين».
وأضاف صباحي، في مؤتمر صحافي عقدته حملته أمس، لإعلان برنامجه الانتخابي: «لن أستخدم سلطة التشريع (حال فوزه بالرئاسة) لحين انتخاب البرلمان، ولكنني سأستخدمها فقط فى إسقاط قانون التظاهر والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين».
وقال إن «هذا البلد يحتاج إلى عدالة انتقالية، وأنا كمواطن ومرشح ورئيس بإذن الله ملتزم عدالةً انتقالية أدرك أن مصر في حاجة ماسة إليها»، مؤكداً أنه سيعمل حال فوزه على تطبيق العدالة الانتقالية للوصول للقصاص العادل، ومنع أي شكل من أشكال التمييز بين كافة طوائف المجتمع، ومنح الحقوق لأصحابها.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)