رغم إخفاق محاولته الأولى قبل أشهر، لم يكف اللواء خليفة حفتر عن التحشيد تمهيداً لعملية عسكرية كبيرة في المنطقة الشرقية من ليبيا بعد أن حصل على دعم من بعض القبائل وضباط قدامى. وبدأت محاولات حفتر في الانقلاب على السلطات المؤقتة ببيان تلاه عبر التلفاز وأحدث ضجة إعلامية، لكن لم يكن له صدى على الأرض.
وقالت مصادر في المؤتمر الوطني العام في ذلك الوقت إن معلومات استخبارية وصلت إلى رئيس المؤتمر وتفيد بوجود محاولة انقلاب، لكن قوة من الثوار مكلفة من الدولة أحبطت المحاولة بدهم القاعة التي أعلن منها البيان، ليصدر بعدها أمر من النائب العام بالقبض على حفتر الذي فرّ إلى الشرق حيث يواليه عناصر هناك.
عقب الحدث الأخير بأسابيع، بدأت تحركات اللواء من مدينة بنغازي لتجميع قوة عسكرية من ضباط متقاعدين وبعض من طاولهم قانون العزل السياسي وأبرزهم العقيد صقر الجروشي آمر القوات الجوية السابق.
فجأة برزت مدينة المرج التي تبعد ١٠٠ كم شرق بنغازي على سطح الأحداث، وتقول التقديرات إن جل قوة حفتر من تلك المدينة إضافة إلى ضواحي بنغازي كبنينا والرجمة والأبيار أو ما كان يعرف في عهد القذافي بالحزام الأخضر.
وقبل شهر احتل الموالون لحفتر قاعدة الرجمة الاستراتيجية، وأصدر آنذاك بعض ضباط القاعدة المعارضين بياناً يخلون فيه مسؤوليتهم عن الأسلحة والغازات الموجودة فيها، ثم استشعرت المجموعات المسلحة الخطر فاستدعت كل منتسبيها وحددت بعض المحاور التي يمكن عناصر حفتر الدخول منها.
صباح الجمعة الماضية، شنّ حفتر هجوماً استعمل فيه طائرة حربية أقلعت من قاعدة بنينا الجوية كما صرح بذلك المتحدث باسم القاعدة صالح الحاسي، واستهدفت الطائرة معسكر ١٧ فبراير بستة صواريخ نو «سي فايف» لكنها لم تحدث أضراراً، واستمر تحليقها مدة ساعتين في سماء بنغازي، الأمر الذي رأى فيه محللون أنه عملية لإرباك الخصم إلى حين استكمال العملية البرية.
لاحقاً بدأت العملية البرية التي انطلقت من الرجمة وبنينا لتشتبك العناصر بعضها مع بعض في منطقتي سيدي فرج والهواري، فتكبدت قوات حفتر خسائر في الأرواح بلغت نحو أربعين قتيلاً مقابل ثلاثين في الطرف الآخر.
وبعد هجوم آخر نفذته قوات حفتر في بنغازي، كلف رئيس المؤتمر الوطني العام باعتباره القائد الأعلى للجيش أحد القادة الميدانيين، هو زياد بلعم التنسيقَ مع الغرفة الأمنية المشتركة لتأمين المدينة وردع القوات المهاجمة، ولاحقاً أعلن اللواء المنشق انسحابه من المدينة لإعادة ترتيب صفوفه.
وتلفت التقديرات الأمنية إلى أنه يصعب على حفتر دخول بنغازي، لكن الساعات القليلة القادمة ستوضح مدى قدرة الأخير على تنفيذ عمليته وفق أهدافها في ظل انقسام الشارع بين مؤيد له ومعارض.