في هذه الحلقة، نسمع تسجيلاً حيّاً (والحيُّ مغرٍ كما نعرف) لأحد أبسط الأعمال في ريبرتوار الجاز. المهم في هذا الأداء أنه يحمل توقيع مؤلفه وهو في خريف العمر (73 سنة). إنه Duke Ellington 1899– 1974، العملاق في التأليف والعزف على البيانو. هو الشخصية التي تفرض حضورها بفعل الكاريزما والطيبة. هو الشاهد على ولادة الجاز وتطوره. هو الكبير الذي حضن عشرات الزملاء في بداية مسيرتهم وأطلقهم بعدما وضع في جعبتهم بعض الأسرار الخاصة بالجاز. هو، في مملكة الجاز، «الدوق»... حيث «الكونت» هو توأمه، إن لناحية الفترة الزمنية أو المساهمة (التأليف، العزف على البيانو، قيادة البيغ ـ باند ...) وغيرها من النقاط المشتركة. والمقصود Count Basie 1904 – 1984.
كتب إليغتون عشرات المؤلفات التي انتشرت وأصبحت لاحقاً من الكلاسيكيات التي قاربها معظم رجال الجاز، كلٌ على طريقته. من بين هذه التحف واحدة بعنوان «C-Jam Blues». إنها من الأمثلة الأساسية لدى الحديث عن قوة البساطة. هذا لناحية الجملة الأساسية الثابتة. لكن أهمية التسجيل الذي نسمعه في هذه الحلقة هو قدرة إلينغتون على عدم المسّ بجوهر البساطة، رغم امتلاكه قدرات تقنية هائلة في العزف على البيانو والارتجال. لا مطوّلات، لا فذلكات تعجيزية، لا عرض عضلات... بثلاث دقائق فقط سيقول كل ما لديه (رغم أننا في عام 1972، وموضة المقطوعة القصيرة _ التي فرضتها أحياناً محدودية التسجيل في الزمن _ كانت قد ولّت!). وما لدى إلينغتون قوله بثلاث دقائق قبل سنتين من رحيله يجب احترامه والأخذ به... إنها حكمة الختيار المختصرة.