عام على ولادة «المؤتمر الوطني لإنقاذ لبنان وإعادة تأسيس الدولة». «العنوان كبير»، بلا شك. وليس غريباً أن تسمع تعليقات كهذه في هذه الأيام تحديداً. يوم أمس بدا الوزير السابق شربل نحاس يُغرّد خارج سرب «المستسلمين». ليس وحده في المؤتمر، لكنه كان المتصدي لإلقاء الكلمة، في نقابة الصحافة التي أعلن فيها أن «خارطة الطريق» التي وضعت قبل نحو عام، لإنقاذ الدولة، لم تُطبّق، وبالتالي «لا تزال هي هي».
ليس عادياً أن تكون البلاد، والمنطقة برمتها، تمر في أصعب ظروفها، وليس آخرها ما يحصل في العراق، ومع ذلك يخرج من لديه حلم ليصنع في لبنان دولة! نحاس، ونجاح واكيم، ورفاقهما، لم ييأسوا بعد، ولا يزالون يتكلمون، بحرقة بالغة، عن «محاربة الفاسدين في النظام».
على من التعويل للتغيير؟ ليس أمام «مؤتمر الإنقاذ» سوى «هيئة التنسيق النقابية ومعها الناس». هذه الهيئة التي، بحسب نحاس، تعدّ «استثناءً لافتاً». ربما يؤخذ على الذين يعوّلون كثيراً على هذه «الهيئة» في دورها، لكن، في المقابل، ما البديل؟ لا بديل، لكنها، يقول نحاس بثقة، «حركة نقابية فعلية تشكلت في مسار معاكس لمسار تدمير الحركة النقابية التاريخية، وصولاً إلى الاتحاد العمالي العام، أو قل اتحاد «العمالة» العام. فهي مجموعة من قيادات وكوادر من صلب تحركنا حققوا وحققن إنجازاً تاريخياً». يُدرك «الرجل البسيط» جيداً سعي «السلطة» إلى اختراق هيئة التنسيق، لكنه يعوّل عليها، فيريد لها أن تكون صوتاً لكل من لا صوت له، وهي بالمناسبة «ظاهرة لم تكن متوقعة للجميع».
أليس غريباً أن يغيب أصحاب الرساميل، في الآونة الأخيرة، عن الساحة الإعلامية في قضية سلسلة الرتب والرواتب؟ هؤلاء لديهم فضاء إعلامي هائل، وجزء من الإعلام ملكهم، ولو أرادوا الظهور لملأوا الشاشات كما سابقاً، لكن ما الذي حصل؟ نحاس يجيب: «حصل ذلك لاطمئنانهم إلى وجود من تولى المقاولة عنهم، أي من يتوكل عنهم في السلطة، وهذا ما ظهر في مجلس النواب. والسؤال الآن الذي يجب أن يطرحه كل مواطن على زعيمه هو: لماذا خنتني؟ لماذا خنت وكالتي وأصبح ولاؤك لأصحاب المال؟... في الواقع لقد فقدت الطبقة السياسية في لبنان شرعيتها». وينطلق الوزير السابق إلى تعداد المعارك التي لم تحسم بعد. إنها الجامعات التي «أصبحت دكاكين طائفية، ولم نقدر أن نخرق فيها، فترسخ أكثر الفصل العنصري والطبقي بين الطلاب». أما القضاء، فمحكمة المطبوعات «تحوّلت الى أداة تكسر شعور المواطن بحقه وكرامته وهويته، مع وجود محامين يُستأجرون دائماً للدفاع عن المجرمين. والعجيب أن هؤلاء المحامين نراهم دائماً يحضرون لمناصرة الحريات!». ربما يُسجّل لـ«المؤتمر» خوض معركة «لا بأس بها» في مجال النقابات، مثل قضية «سبينس» التي كانت «معركة شرسة، إذ وقفنا أمام مؤسسة خيّرت الموظفين بين الطرد وخروجهم من النقابة. لقد رفعنا الصوت عالياً هنا وحققنا شيئاً».
تحدّث نحاس عن السلطة التي «تخوّف الطلاب مثلاً من هيئة التنسيق، وتضع الناس بعضهم في مواجهة بعض، وقالوا مثلاً إن الليرة ستنهار في حالة إقرار سلسلة الرتب والرواتب، وهكذا يستمر التهويل، في ظل ارتهان الكثير من وسائل الإعلام لإرادة السلطة». يختم، وبثقة أيضاً، بالدعوة إلى «تطويق السلطة التي تحاول تطويقنا... لنطوّق أصحاب المصارف والأملاك المستولى عليها مع وكلائهم داخل السلطة».
بدا نحاس، ومن يمثّل في خطابه، وحيداً أمس. لكنه لم يفقد الأمل في بلاد فقد غالبية أهلها الأمل.