اجتمع «أهل الجامعة» اللبنانية أمس، عمداء ومديرين وممثلين عن الأساتذة المتعاقدين، للنظر في ما آلت إليه الأوضاع في مجلس الوزراء، وما رافق جلساته الأخيرة من انتهاكات صارخة بحق الجامعة، وخرج المجتمعون ببيان «ملطّف»، لكنه يحمل بين سطوره تهديداً باجتراح «حل تصعيدي»، يمكن أن يُخرج ملفات الجامعة من أنياب السياسيين في حال تبنيه وتنفيذه. فقد تمنى المجتمعون على رئيس الجامعة إعلان تشكيل مجلس جامعة بالعمداء المكلفين الحاليين وإنجاز ملف التفرغ عبره، بحسب ما ينص القانون.
اللافت أن رابطة الأساتذة المتفرغين غابت عن هذا الاجتماع، وسجلت رفضها لما اعتبرته «هرطقة» مارسها المجتمعون بحق قضية مجلس الجامعة.
البيان، الذي ألقاه غازي مراد مدير العلاقات العامة في الجامعة، أكد «حرص الحاضرين على مستقبل الطلاب انطلاقاً من مسؤولية وطنية شاملة لم يلحظها أي من السياسيين»، إلا أن الجامعة توليه كل اهتمام ورعاية، وهي الحريصة على مصالحهم ومستقبلهم، بحكم وظيفتها الرسمية، بحسب البيان، الذي ذكّر أيضاً بدور الجامعة في «تأهيل القيم الإنسانية والاجتماعية». وقال «إن دورها أكثر من أكاديمي»، منتقداً سياسة المحاصصة التي تعتمد إزاء الجامعة وملفي التفرغ والعمداء، ما «ينسف دور الجامعة، ويجعلها محطة تجاذبات، يمعن في سلبها استقلاليتها». وقد أعاد المجتمعون تحميل الحكومة اللبنانية والمسؤولين السياسيين مسؤولية الأوضاع المتردية التي آلت اليها الجامعة.
توقع البعض أن يحمل البيان «نبرة مرتفعة أكثر»، لكن النقطة الأبرز والأهم فيه، أن المجتمعين تمنوا على رئيس الجامعة عدنان السيد حسين الدعوة إلى تشكيل مجلس جامعي فعلي بالعمداء المكلفين الحاليين، لحل ملفات الجامعة ما دام «العميد المكلف يمارس صلاحيات العميد الأصيل». وأفادت مصادر مقربة من رئيس الجامعة عدنان السيد حسين، أن البيان الذي تلي والدعوة إلى الاعتصام في مجمع الحدث الأسبوع المقبل تزامناً مع جلسة مجلس الوزراء، والدعوة إلى الإقفال العام الشامل في اليوم نفسه، هي خطوة تمهيدية، وفي حال عدم إقرار مجلس الوزراء ملفي التفرغ وتعيين العمداء في خلال الجلسة، سيقوم الرئيس بإعلان أن العمداء المكلفين أصبحوا أصيلين ويشكلون مجلس الجامعة، ليقوموا بعد ذلك برفع أسماء المرشحين للتفرغ إلى وزارة المالية. وفي حال اعتراض مجلس الوزراء على هذه الخطوة، سيُلجأ إلى مجلس شورى الدولة ليبت القضية. إذ يقف القرار 97/42 الذي عدّه الحاضرون في غير محله وغير قانوني، عقبة لأنه ينيط بمجلس الوزراء صلاحية الموافقة على عقود التفرغ. فقد اعتبر البيان أن هذا القرار قد «عرقل مسيرة الجامعة التي خرّجت مئات الألوف وحرمتها الكثير الكفاءات والقدرات على مدى أعوام طوال...».

رابطة الأساتذة المتفرغين رأت أن ما صدر هو «هرطقة»
لرابطة الأساتذة المتفرغين التي قاطعت الاجتماع موقف مغاير تماماً لما دار داخل الاجتماع، فاستغرب رئيس هيئتها التنفيذية حميد الحكم تغييب المطالبة بتعيين عمداء أصيلين عن المطالب التي رفعت في الإدارة المركزية، واصفاً الاجتماع بـ«قمة الهرطقة»، فلا يجوز أبداً القبول بأن يتحول العميد المكلف إلى أصيل. بحسب الحكم، فإن العمداء الحاليين كُلِّفوا «لحسن سير الأعمال واستمرارية المرفق العام»، وقد عيّنوا مؤقتاً «بانتظار تعيين العميد الأصيل».
رفض الحكم ما سمّاه محاولة «انتحال صفة مجلس الجامعة»، ورفض أن يتكلم أحد باسم «أهل الجامعة»، ما لم يحمل صفة تمثيلية، مشيراً إلى أن الرابطة هي الأداة النقابية المنتخبة التي تمثل أساتذة الجامعة اللبنانية، داعياً الجميع إلى احترام القانون 66 والآليات الديموقراطية المتبعة في ترشيح أسماء العمداء، والمرسوم 1658، الذي يفرض وجود إضافة إلى عمداء أصيلين، مديرو الكليات وممثلي الكليات المنتخبين من أفراد الهيئة التعليمية وممثلين عن الطلاب.
يكرر الحكم استغرابه لعدم المطالبة بتعيين عمداء أصيلين في مجلس الوزراء واستنكاره لمحاولة فرض مجلس جامعة بالقوة، ويضيف أنه حتى لو حصل ذلك، فإن القرار 97/42 «المرفوض من جهتنا، يبقى عائقاً لا يمكن أياً كان أن يتخطاه حتى لو وضعه في خانة غير القانوني». وقد أشار الحكم إلى أن القرار المذكور ليس المسبب الأساسي لعرقلة مسيرة الجامعة اللبنانية، بل ثمة جملة من القضايا، منها «التعدي على حرمة الجامعة اللبنانية وحرمة الأساتذة من قبل السياسيين الذين لم يحترموا القوانين المرعية الإجراء».
رابطة الأساتذة المتفرغين علّقت إضرابها لكي تستطيع بقية الكليات إنجاز امتحاناتها وإنهاء العام الدراسي حرصاً على مستقبل الطلاب، وبما أن العطلة الجامعية ستبدأ بعد أقل من شهر، فإن الرابطة ستؤجل أي تصعيد لها حتى شهر أيلول، مع احتمال أن تبقي على تعليق إصدار نتائج الطلاب إن لم تُقر ملفات «اللبنانية».