حلب | عادت الحياة إلى طريق المدينة الصناعية. مئات السيارات تنطلق يومياً نحو المدينة الأكبر من نوعها في المنطقة. صناعيون يزيلون آثار الدمار من معاملهم، ويصلحون ما يمكن إصلاحه، فيما مدافع الجيش القريبة تقصف تجمعات للمسلحين في حندرات المقابلة. يشير قائد عسكري إلى دشمة بالقرب من درج بناء صناعي قيد الإنشاء، تشرف على ممرين إجباريين للجيش. «من هنا كان جنودنا يُقنصون.
تمويه بارع، وموقع استثنائي»، يقول. في نهاية المطاف تم القبض على القناص حياً، وفقاً للضابط. إلى الغرب من الموقع، سلسلة تحصينات كان المسلحون يستخدمونها في قنص سجن حلب المركزي، وباتت اليوم سواتر يستخدمها الجيش. في مبنى مرتفع أعلى التلة، تولى ضابطان الرصد، وتوجيه الرماة: «الرتل أصبح خلف أشجار السرو، معهم راجمة صواريخ. سينكشفون عليك خلال لحظات» يخاطب الضابط رامي الدبابة. تتوالى الضربات ويتشتت الرتل. «أصبنا ثلاث آليات، كنت أتمنى لو أصبنا السبع، وراجمة الصواريخ» يقول القائد، وهو يرصد سقوط قذائف الراجمة في محيط السجن المركزي. صباح السبت الماضي، استعادت وحدة خاصة مبنى كتيبة حفظ النظام. يقول القائد الميداني إن «الانسحاب منه كان الوحيد منذ شهور، لكن تمكنّا من استرداده بسرعة». ويضيف: «منه سننطلق في اتجاه سيفات».

استعادت وحدة خاصة مبنى «كتيبة حفظ النظام» قرب السجن المركزي


من سطح المعمل الأعلى في المنطقة تتراءى حلب في الأفق، وأقرب منها تلوح قرى العويجة، والبريج، وحندرات، والجبيلة. وتمثل هذه القرى جبهة مرتقبةً لمعارك تبدو وشيكة، وعنيفة. على المقلب الآخر، تشير المعطيات إلى فائض ثقة، يستشعرها المسلحون بعد حصولهم على صواريخ «تاو» الأميركية لوقف تقدم الدبابات السورية. إذ يؤكد مصدر في «غرفة عمليات أهل الشام» أن كميات كبيرة من الصواريخ وصلت إلى المنطقة عبر حركتي «حزم» و«نور الدين زنكي». ولا يقتصر تسليح الجماعات الإسلامية في المنطقة على هذه الصواريخ، في حوزتهم أيضاً دبابات وآليات مدرعة، تشير مخلفاتهم في المدينة الصناعية إلى حصولهم على ذخائر لها من صناعة غربية.

الهدوء يعود إلى مارع

في موازاة ذلك، عاد الهدوء إلى مدينة مارع شمالي حلب بعد اتفاق بين «المجلس العسكري لكتائب الشمال»، و«الجبهة الإسلامية». «جيش المجاهدين» كان عرّاب الاتفاق، الذي ضمن له وضع يده على المقار العسكرية للمطلوبين الأربعة التابعين للمجلس العسكري. ومن بينهم أيمن فروح قائد «قبضة الشمال». ووفقاً لمصدر معارض، فقد «نص الاتفاق على تكليف الوسطاء بجرد وتسليم الأمانات الموجودة في المقار لكل الأطراف. وتكليف لجنة شرعية حيادية للنظر في أمر تعويضات للقتلى والجرحى الذين سقطوا في الاشتباكات بين الطرفين». إضافة إلى «قيام عبد العزيز سلامة (قائد الجبهة الإسلامية) بسحب مسلحيه وحواجزه الذين يحاصرون مداخل مارع خلال 12 ساعة من إبرام الاتفاق». لكن سلامة «لم يلتزم بتطبيق البند، متذرعاً باقتراب عناصر «الدولة الإسلامية» من المدينة، ووجود خلايا نائمة فيها»، وفقاً للمصدر.

«الدولة» يشدد حصار عين العرب

إلى ذلك، شدّد تنظيم «الدولة الإسلامية» حصاره على منطقة عين العرب (كوباني) في ريف حلب، مواصلاً تقدمه نحو المدينة، على وقع المعارك العنيفة بينه وبين وحدات حماية الشعب الكردية YPG، في الريفين الشرقي والغربي. أعنف المعارك دارت على مشارف قرية الجبني، وخلفت عشرات القتلى بين الطرفين. وقالت مصادر كردية إن «من بين القتلى أميراً مصرياً يدعى أحمد علي السيد (أبو هاجر) وآخر تونسياً يدعى سلامة بدر الدين كان يحمل معه أوراقه الثبوتية وجواز سفره». كما أكدت المصادر استقدام التنظيم تعزيزات كبيرة الى تل أبيض، ومحيط منبج، وجرابلس، والشيوخ.
في ما يبدو أنه تمهيد لمحاولة اقتحام عين عرب. إلى ذلك، شهدت قرية السمرية (التابعة لناحية الشيوخ) قيام التنظيم المتطرف بإعدام عدد من المقاتلين الأكراد كانوا قد وقعوا في قبضته. وكان رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي صالح مسلم، قد أكد في تصريح لوكالة «الأناضول» أن التنظيم يستهدف منطقة كوباني بالأسلحة التي حصلت عليها إبان سيطرتها على مدينة الموصل العراقية.