وعدنا صنّاع مسلسل «لو» (إعداد بلال شحادات ونادين جابر وإخراج سامر البرقاوي، وإنتاج شركة «الصبّاح») بتقديم قصة مختلفة عن الفيلم الأميركي unfaithful (خائنة) للمخرج أدريان لين المأخوذ عنه، وبناء شخصيات عربية تقدّم قصة بعيدة مكن التطويل المملّ الذي تقع فيه أعمال مماثلة. لكن بعد مشاهدة أكثر من نصف المسلسل الذي يلعب بطولته عابد فهد ونادين نسيب نجيم ويوسف الخال، يمكن القول بأنّهم «ضحكوا» علينا!
على الرغم من إهمال شارة المسلسل لاسم الفيلم، واكتفائها بالتنويه إلى أنّه مستوحى من قصص أجنبية على اعتبار أن الفيلم الأميركي مأخوذ عن فيلم فرنسي في الأصل، إلا أنّنا في «لو» أمام مشاهد منسوخة عن الشريط مع بعض التعديلات المضحكة. من بين تلك التغييرات إبدال كُتب عشيق (يوسف الخال) البطلة بلوحات تشكيلية في المسلسل، أو تغيير مهنته من صاحب مكتبة ضخمة يجمعها في بيته إلى رسام، ثم الاستعاضة عن ابن البطلة بطفلة، مع تأليف خطوط جانبية بقصد دعم الخط الرئيسي. إلا أنّ هذه الخطوط لم تزد عن بهارات وضعت كي تستطيع القصة أن تستوعب 30 حلقة تلفزيونية، وتثقل عليها بأعباء لا يمكن أن تحتملها. الحكاية نُسجت على أساس سينمائي متين، وقدّمت منذ سنوات في ساعتين دراميتين، وتركت نهايتها مفتوحة لهرب العائلة إلى المكسيك أو تسليم الزوج نفسه، بعدما قتل عشيق زوجته بعد حوار شيّق بين الزوجين أمام مقرّ الشرطة. وعلى هذا الشكل وإن سارت أحداث «لو» بطريقة النسخ، فربما بعدما تابعنا غيث (عابد فهد) غارقاً في شكوكه ومندفعاً لمراقبة زوجته لتنقذها بديهتها مرة ومصادفة غريبة مرة أخرى، نشاهده يعاود الترصّد، فيكتشف الأمر ويُقدم على قتل عشيقها، ونحضر نهاية الشريط بتفاصيله الدقيقة، لكن بصوت فهد ونجيم.
رغم ما سبق، يحظى المسلسل السوري اللبناني حتى الآن بمتابعة جماهيرية واسعة، نتيجة تضافر شروط عدة منها تعدّد المحطات التي تعرضه أهمها mbc وmtv و «سما» و «حواس»، وشعبية نجومه خصوصاً عابد فهد.

وعدت شركة الانتاج بعمل مشابه في رمضان المقبل

أضيف إلى ذلك عناصر أخرى كغرابة القصة، وغياب المبرّرات المنطقية للخيانة الزوجية التي ارتكبتها ليلى (نادين نجيم)، ومحاولة المشاهد ترصّد الحلقات أول بأوّل، عساه يفهم ما الذي دفعها حقيقة لهذه المغامرة، خصوصاً أنّ الحلقات الأولى من المسلسل عجزت عن إظهار الأسباب التي دفعت الزوجة إلى خطوتها تلك. في مكان آخر، يستغرب فريق العمل الهجوم النقدي على المسلسل، والتركيز على فكرة اقتباسه عن فيلم أجنبي، فيما لم تعلُ تلك الأصوات في رمضان الماضي عندما شاهدنا اقتباساً مشابهاً لمسلسل «لعبة الموت» (إخراج الليث حجو) عن الفيلم الأميركي Sleeping With The Enemy؟ لكن الإجابة مرتبطة بشهرة فيلم «خائنة» وعرضه مرّات كثيرة على قنوات عربية، إضافة إلى تقليد مشاهده حرفياً على مستوى الحوار والإخراج، حتى في حركة الكاميرا وكوادر التصوير. مع ذلك، يبقى الجهد المبذول في انتقاء أماكن التصوير في جبال لبنان الساحرة، والتركيز المكثّف على إبهار الصورة والمؤثرات الفنية، وإدخال شخصيات جديدة على قصة الشريط سبباً جوهرياً في إنقاذ المسلسل من شبح السقوط الذي رافق «لعبة الموت». لكن بدلاً من أن نسمع تصريحات جدّية من شركة «الصبّاح» عن نيّتها إنجاز مشروع يغوص في تعقيدات منطقتنا الملتهبة، فوجئنا أخيراً ببيان صحافي مقتضب صادر عن الشركة يحتفي بالنجاح المدوّي الذي حقّقه مسلسلها، وتصدّره المراتب الأولى من حيث نسبة المشاهدة. ووعدت الشركة بعمل مشابه في رمضان المقبل، بعد التعاقد مجدداً مع عابد فهد ونادين نسيب نجيم ويوسف الخال، وسامر البرقاوي على أن يكون بلال شحادات مؤلّفاً ونجيب نصير معالجاً درامياً. على هذه الحال، يمكن القول وداعاً للدراما التلفزيونية التي كانت من أهمّ أسباب نجاحها تماسها المباشر مع الواقع العربي، وأهلاً بأعمال الاستسهال عبر ميزة القصّ واللصق عن الأفلام الأجنبية!



«لو»: 20:45 على mtv و 14:00 على mbc