وجهت وزارة الخزانة الأميركية في 15 تموز الحالي، اتهامات بتبييض الأموال إلى بنك FBME المعروف سابقاً باسم «فيدرال بنك الشرق الأوسط»، وهو أحد المصارف في مجموعة تضم أيضاً بنك فيدرال لبنان ش.م.ل، والمملوك من قبل أيوب - فريد صعب وفادي صعب. وزعمت وزارة الخزانة في تقرير لها أن البنك تلقى إيداعات بمئات آلاف الدولارات تعود إلى حزب الله، فضلاً عن مزاعم أخرى تتصل بعدد من الصفقات المشبوهة لنجل رئيس افريقي وعمليات ترتبط بالمخدرات وجرائم الابتزاز الجنسي والقمار عبر الإنترنت، والشركات الوهمية، حصلت بين عامي 2006 و2014.
وفيما لم يقدم التقرير اي اسم او دليل يثبت صلة حزب الله بعمليات تبييض الاموال من خلال هذا البنك، اكتفى التقرير بالزعم ان «أحد ممولي حزب الله» اودع مئات ألوف الدولارات في حساب احد زبائن البنك في قبرص في عام 2008.
وقرر البنك المركزي القبرصي الجمعة الماضي وضع يده على بنك FBME، معلناً أنه بموجب الصلاحيات المخولة إليه، عيّن اعتباراً من 19 تموز 2014 إدارة مؤقتة لفرع بنك FBME في قبرص. فيما نفى البنك في بيان رسمي المزاعم الاميركية، وقال انه سيتعاون مع البنك المركزي القبرصي، واعلن انه كلّف شركة تدقيق المانية للرد على هذه المزاعم.
ووفقاً لتقرير اعدته جنيفر كالفري، مديرة شبكة مكافحة الجرائم الأميركية، التابعة لوزارة الخزانة والمناطة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فإن هناك أسباباً معقولة (بحسب مزاعمها) للقول ان مصرف FBME ضالع في غسل اموال وفقاً للقسم 311 من قانون باتريوت آكت أو قانون مكافحة الإرهاب.
وقالت كالفري في تقريرها ان مصرف FBME يسوّق نفسه من خلال سياسات ضعيفة تجاه مكافحة تبيض الاموال، بهدف استقطاب أعمال مالية غير مشروعة». واضافت: «للأسف الشديد، هذه الطريقة في ادارة الاعمال كانت ناجحة حتى وقت قريب، ولكن حالياً ومن خلال عزمنا على تجميد عائدات هذا المصرف في المؤسسات مالية اميركية، ومنع اي مؤسسة مالية اميركية من التعاون معه، فإننا نعيد التأكيد ان الولايات المتحدة الاميركية لن تقف مكتوفة الايدي في وقت تقوم فيه بعض المؤسسات المالية بمساعدة من ينوون اذية وتهديد الاميركيين».

اتهم البنك بتسهيل أعمال ابتزاز جنسية والقمار عبر الإنترنت

ويوصي التقرير، بأن تتخذ وزارة الخزانة الاميركية قراراً بتجميد كل عائدات هذا المصرف في المؤسسات المالية الاميركية، ومنع اي مؤسسة مالية اميركية او أجنبية لديها علاقة مع الولايات المتحدة من التعاون معه.
وتقول كالفري في تقريرها ان اهم الاسباب التي قادت الى التحقيق في اعمال المصرف، اتخاذه من تانزانيا مقراً رئيسياً له، في وقت تشكل قبرص 90 بالمائة من اجمالي اعماله. وان هذا المصرف دأب على التهرب من الاجراءات التي تتخذها السلطات القبرصية للحؤول دون نجاح اعمال غسل اموال على اراضي الجزيرة.
ويتخذ بنك «FBME» في الوقت الحالي من تنزانيا (أفريقيا الشرقية) مقراً له. وبحسب التقرير الاميركي تأسس بنك «FBME» في عام 1982، في قبرص على شكل شركة فرعية لمصرف «فيدرال بنك» (Federal Bank) الموجود في لبنان منذ عام 1952.
وبعد أربعة أعوام غيّر بلد الأساس من لبنان إلى جزر الكايمن، ولذا صار الفرع القبرصي تابعاً للأعمال في تلك الجزر. واستمرّ الوضع على هذا النحو حتّى عام 2003 حين أنهى «FBME» وجوده في الكايمن وأعاد تأسيس نفسه في تنزانيا، وذلك من خلال الاستحواذ على مصرف Delphis وهو مصرف تنزاني صغير يمتلك ثلاثة فروع في البلد.
وبعد هذه الخطوة أصبحت الأعمال في قبرص تابعة للشركة الأم في البلد الأفريقي. ومنذ عام 1993، يملك المصرف مكتباً تمثيلياً في موسكو خاضع لإشراف المصرف المركزي الروسي.
ويقول التقرير إن مصرف «FBME» هو اكبر مصرف تنزاني في الوقت الحالي برأسمال يفوق 2 مليار دولار.
ويوضح «فيدرال بنك» على موقعه الإلكتروني اللبناني، أنّه تابع لمجموعة «صعب» المالية _ تيمّناً باسم المؤسس ميشال أيّوب صعب _ التي تضمّ «FBME» بفرعيه ومكتبه التمثيلي، إضافة إلى بنك التمويل التجاري في روسيا.
وقالت صحيفة «The Wall Street Journal» في تحقيق نشرته في 5 آذار 2013 أنّ قبرص تقف على رجليها حالياً بفضل «روسيا ومصرف تانزاني مملوك لبنانياً».
في المقابل، ينقض التقرير الأميركي هذا الوصف، حيث يشير الى ان المصرف المركزي القبرصي قد وجه اتهامين الى البنك، بسبب ضعف اجراءاته المتخذة لمكافحة تبييض الاموال، حيث غرّمه المصرف المركزي في عام 2008. وفي عام 2013 اتخذ المصرف مجموعة من الإجراءات للحؤول دون قيام المصرف المركزي القبرصي بإجراءات رقابية. وفي تشرين الثاني 2013 اعلن المصرف المركزي القبرصي نيته تغريم بنك «FBME» بنحو 240 مليون يورو، وذلك بسبب انتهاكات فادحة للضوابط الموضوعة على رؤوس الاموال.
ويقول التقرير الاميركي ان بنك «FBME» استخدمته عصابات المخدرات، والجريمة المنظمة عبر الوطنية، والاتجار غير المشروع بالاسلحة، وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، والاحتيال والتهرب من العقوبات، وسياسيون متضلعون في اعمال فساد.
ويقول التقرير انه في اواخر عام 2011 اسس احد كبار عصابات المخدرات شركات وهمية وفتح ارصدة لها في الفرع القبرصي للبنك. وانه في عام 2012 استمر زعيم هذه العصابة بفتح حسابات مالية وإجراء عمليات مشبوهة من خلال الفرع القبرصي للبنك المذكور.
ويقول التقرير انه في عام 2008 تلقى احد زبائن البنك ايداع بمئات آلاف الدولارات من قبل احد الشخصيات التي وصفها بأنها «ممول لحزب الله». واضاف التقرير: «عزز مالك البنك علاقة وطيدة مع احد المستشارين الماليين لمنظمة مرتبطة بالجريمة».
وبحسب التقرير فإن الاتهامات الموجهة الى البنك تشمل تغطية اعمال مالية تتعلق بجرائم المعلوماتية والابتزاز من طريق الجنس التي طاولت مواطناً أميركياً اودع من طريق التهديد، مئة الف دولار في احد حسابات البنك في فرعه القبرصي. كذلك قام البنك في عام 2010 بتسهيل عملية احتيال طاولت شركة اميركية مقرها ولاية ميشيغان بقيمة 100 الف دولار. ويضيف التقرير: «أودع في حساب احد زبائن البنك مبلغ 600 الف دولار، وهو مبلغ متأتٍّ من اعمال احتيال طاولت مواطنين في كاليفورنيا. ويقول التقرير ايضاً إن إحدى المؤسسات السورية (مركز الدراسات والابحاث العلمية) الخاضعة للعقوبات الأميركية بسبب اعمال مرتبطة بالاتجار بالاسلحة، قد استخدم البنك كواجهة للتسلل الى الولايات المتحدة الاميركية عبر شركة وهمية في الجزر العذراء البريطانية، اضافة الى ضلوعه في تسهيل اعمال القمار عبر الانترنت».
ويقول التقرير انه من اصل 70.8 مليون دولار مرتبطة باعمال فساد قام بها نجل رئيس غينيا الاستوائية تيودورو أوبيانغ نغيما، فإن 7.2 ملايين دولار قد تم تحويلها الى احد الارصدة في بنك «FBME». ويضيف التقرير أن حجم الحوالات المالية التي قام بها البنك عبر مؤسسات مالية اميركية يفوق 387 مليون دولار خلال الفترة الممتدة بين آذار 2013 حتى آذار 2014. ويختم التقرير بالقول ان المصرف قد سهل عمليات شركات وهمية يزيد عددها على 71 شركة للقيام بعمليات تبييض اموال اوقعت الضرر بالولايات المتحدة الاميركية.

للاطلاع على التقرير الكامل أنقر هنا