عكس التوقعات، لم تأتِ كلمة النائب سعد الحريري بدسامة مائدة الإفطار المركزي الذي أقامه تيار المستقبل. قبل إلقائها، كثُرت الأسئلة عن مضمون الكلمة، وتنامت الشكوك حول ما إذا كان الهدف منها إطلاق مبادرة لتفعيل الحوار الوطني أم تعقيده. لكن رئيس تيار المستقبل، بحسب مصادر سياسية بارزة في فريق 14 آذار، «لم يُضِف ما هو جديد إلى مشهد الأزمة، ولم يوح حتّى بقدرته على المبادرة، باستثناء أنه سيُعيد فتح خطوط التواصل مع الحلفاء وغير الحلفاء».
وأضافت: «لم نتصوّر أن من سطّر الكلمة، أعاد تكرار ما نسمعه منذ أعوام، في ظل قضايا ومشاكل تفرض التعاطي معها بشكل مختلف»، إضافة إلى «مجموعة من التحديات السياسية والأمنية التي لا يملك فريقنا أي خطّة لمواجهتها». ووصفت خطابه بـ«الطويل الذي لم يتضمن ما هو جوهري، لا على الصعيد السياسي ولا الأمني».
يُمكن القول إن الخيبة كلمة تختصر شعور كثيرين ممّن انتظروا خطاب الحريري الأخير، لأنه لم يُلب رغبات من استمعوا إليه، فيما تزداد الأزمة السياسية تعقيداً على مختلف المستويات. ولدى فريق 14 آذار العديد من الملاحظات التي تتعلق أولاً بتوقيته. تقول مصادره إن «الخطاب الذي انتظره تيار المستقبل ليكون عاملاً مساعداً على امتصاص النقمة ضده تحديداً في طرابلس، لا يُصرف شعبياً». إذ إن الحريري «تحدث بعناوين عامة تكررها كتلة المستقبل أسبوعياً، في ما يتعلق بانسحاب حزب الله من سوريا، والتوافق على خطة طوارئ رسمية لمواجهة أزمة النزوح، وإعداد خطة وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب»، و«باستثناء بعض العبارات ذات المعنى الواضح مثل الدعوة إلى انتخاب رئيس للجمهورية ورفض التمديد للمجلس النيابي، تضمّن كلامه الكثير من الإنشاء الذي لا علاقة له باللحظة الراهنة». ورأت المصادر أنه «كانت واضحة محاولة الحريري الهروب من التطرق إلى التفاصيل التي تعنينا كحلفاء»، وفي مقدّمها «حقيقة ما حصل بينه وبين الجنرال ميشال عون، أقله لجهة توضيح الالتباس الحاصل في ما يتعلق بالاتصالات بينهما، وهل انقطعت أم لا تزال مستمرة؟». إضافة إلى أنه «لم يأت على ذكر المسائل المالية المطروحة بين كتلته برئاسة فؤاد السنيورة ورئيس مجلس النواب نبيه بري، حتى لا يزيد الأمور تعقيداً بينه وبين رئيس المجلس»، مع أنه «لم يوفّره حين قدّم مقاربة سلبية بين الرئاستين الأولى والثانية، حين قال إن انتخابات نيابية في غياب رئيس للجمهورية، تعني أن مجلس النواب سيبقى من دون رئيس».
بالنسبة إلى مصادر 14 آذار، «لم يفلح رئيس تيار المستقبل في إيصال رسائله بدقة. أو تحديد ما يريده في المرحلة المقبلة. ما قاله هو مجموعة من المواقف الفضفاضة التي لا ترقى إلى مستوى المبادرة، بل مجرد خطاب سياسي لتكرار المكرر، والتحدث كثيراً مع إعطاء القليل».