غابت وزارة الطاقة والمياه أمس عن جلسة لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النيابية المخصصة «للمساءلة» حول ملف الكهرباء، فسجل رئيس اللجنة النائب محمد قباني «استغرابه» لغياب وزير الطاقة و«كامل الوزارة» عن الاجتماع، في خطوة رأى فيها مصدر في اللجنة في حديث لـ«الأخبار» تنصلاً من قبل فريق المستشارين في الوزارة من «المسؤولية عن المرحلة» الممتدة منذ عهد الوزير جبرن باسيل، وتعبيراً عن قلة دراية الوزير الحالي آرثور نظاريان بما يجري في وزارته، فضلا عن مسؤوليته عن سياسات الوزارة في عهده، التي يعدها المصدر نفسه امتداداً لسياسات سلفه.
غير أن نظاريان أكد لـ«الأخبار» أنه أبلغ قباني تعذر حضوره الاجتماع، لارتباطه بمواعيد مسبقة بينها اجتماع مع السفير الصيني جيانغ جيانغ، وأن مدير مؤسسة «كهرباء لبنان» كمال الحايك قادر على الإجابة عن أسئلة النواب، وأن المستشارين في وزارة الطاقة غير مخولين الإجابة عن أسئلة «سياسية»، وأن مشورتهم «تقنية» بحتة.
«الوضع الحالي لقطاع الكهرباء ما زال كارثيا، وهو يتميز باستمرار العجز المالي، الذي يمثل ابرز مسببات عجز الخزينة، وفي الوقت نفسه استمرار التقنين الكهربائي القاسي»، قال قباني، طارحاً «تساؤلات أساسية، أبرزها» يتعلق بمضمون القانون 181، «ولو من الناحية المالية»، سائلاً عن مصير مبلغ الـ1200 مليون دولار الذي لحظه القانون، «مع العلم ان سائر بنود هذا القانون لم تنفذ، وابرزها عدم تأليف الهيئة الناظمة (لقطاع الكهرباء) خلال ثلاثة اشهر، وعدم تعيين مجلس إدارة لمؤسسة كهرباء لبنان خلال شهرين»، مشيراً إلى أن المسائل تلك عالقة منذ عام 2011، اي منذ ثلاث سنوات. سأل قباني كذلك عن الأسباب التي تحول دون اتخاذ الخطوات العملية للانتقال الى استعمال الغاز في معامل الانتاج، وأبرزها استقدام بواخر تخزين وإعادة تغويز الغاز الطبيعي المسال، «التي توفر حوالى 40% من ثمن المحروقات، أي 40% من حوالى ملياري دولار، اي نحو 800 مليون دولار».

مشاريع «مقدمي الخدمات» بحاجة
إلى قوانين من
مجلس النواب

استغرب قباني «ألا يحوي العقد العائد لتلزيم معمل دير عمار نصا واضحا» لجهة تضمينه ضريبة القيمة المضافة أو عدمه، شارحاً أن نسبة الضريبة تبلغ 10% من قيمة العقد البالغة 550 مليون دولار، أي 55 مليون دولار. رأى قباني أن الأمر «فضيحة كبيرة، برغم وجود 45 مستشارا (في وزارة الطاقة والمياه)، لا يعرفون اذا كانت الضريبة على القيمة المضافة موجودة في العقد ام لا». وسأل قباني كذلك عن «مبرر الاسعار التي يُباع بها إنتاج الكهرباء الى الامتيازات، وهو اقل من الكلفة الفعلية، ومتفاوت أيضاً بين امتياز وآخر»، مضيفاً أن وزير المال علي حسن خليل أكد التزامه في الجلسة تنفيذ قرار مجلس الوزراء بتغطية عجز مؤسسة كهرباء لبنان بما يوازي سقف الانفاق الفعلي لعام 2013، «وهو يعرف الرقم، لكنه يطلب ان تحدده المؤسسة وتبلغه لوزارة المال»؛ وأعلن قباني أن لجنته، بالاتفاق مع وزير المال، ستتابع بحث الوضع المالي لمؤسسة الكهرباء في جلسة لاحقة، شدد على وجوب حضورها من جانب الوزير نظاريان.
في حديث لـ«الأخبار»، يقول قباني إن لجنته طلبت من وزارة الطاقة والمياه عرض العقود مع «مقدمي خدمات» الكهرباء على مجلس النواب، موضحاً أن إقرارها بحاجة إلى قانون صادر عن الأخير، ذلك أن تلزيم التوزيع وصيانة الشبكة الكهربائية والجباية «امتياز للدولة»، لذا لا ينبغي إعطاؤه لشركات خاصة إلا بقانون؛ وكذلك إقرار «اقتراض الدولة للمال من شركة خاصة»، الذي تنطوي عليه العقود مع «مقدمي الخدمات»، فهو أيضاً بحاجة إلى قانون يصدره مجلس النواب، ولا يجوز أن يُبت قرار من وزيرَي الطاقة والمياه والمال، بحسب قباني، الذي يؤكد أن لجنته طلبت الاطلاع على تلك العقود غير مرة، وذلك عبر «تصريحات» عديدة، غير أن وزارة الطاقة والمياه اكتفت بإرسال «كتيبات العلاقات العامة» ذات الصلة.
الضريبة على القيمة المضافة محتسَبة ضمن العقد، يؤكد نظريان في اتصال مع «الأخبار»، شارحاً أن الضريبة تلك لن تُفرض إذا كان مصدر تمويل المشاريع خارجياً، وأن مهمة وزارة المال السعي لتأمين «الهبات والقروض» من الخارج. لا شيء غير عادي في عقد تلزيم معمل دير عمار، فوزارة المال تحصّل رسم الطابع، وقيمته 3 بالألف على قيمة العقد، إضافة إلى 10% من قيمة العقد لدى تسجيله لديها، بحسب نظاريان، الذي يشير إلى موضوع خلافي آخر حول العقد نفسه: رأى «الاستشاري» في المشروع أن على الدولة أن تدفع قسماً من المبلغ المستحق عليها لقاء تركيب التوربينات في المعمل، ولو لم تشغّل بعد، فيما يرى مدير الاستثمار في وزارة الطاقة غسان بيضون أن العقد مخالف لقوانين ديوان المحاسبة لهذه الناحية، «برغم أن العقد موقع بحسب الأصول، مع موافقة مجلس الوزراء وديوان المحاسبة نفسه»، يقول نظريان.
أما بالنسبة إلى التحول إلى إنتاج الكهرباء باستعمال الغاز، فيشير نظريان أن وزارته رفعت المشروع المتعلق بمعملَي دير عمار والزهراني والدراسة ذات الصلة إلى رئاسة الحكومة، وبالتالي فإن سير المشروع رهن بقرار رئاسة الحكومة، التي «لم تضع المشروع على جدول أعمالها»، بانتظار رد وزارات المال والأشغال والبيئة وملاحظاتها على المشروع. أما تشغيل معامل الكهرباء على الغاز، فمرهون بإنجاز أنبوب الغاز الساحلي، وكلفته 460 مليون دولار، يقول نظاريان، موضحاً أن المشروع الأخير أودع لدى مجلس النواب، ويحتاج تنفيذه إلى قانون يصدر عن الأخير، حال عودة المجلس للتشريع.
يؤكد نظريان أن عهده في وزارة الطاقة والمياه «استكمال للمشاريع نفسها» التي بدأها باسيل، لكنه يشير إلى أن مسألة إنشاء هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء وتعيين أعضاء مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان قرار سياسي، وبالتالي لا يمكن تحميل وزارته وحدها مسؤولية عدم إنجاز هذه الأمور؛ أما بالنسبة إلى أسعار الكهرباء التي تدفعها امتيازات الكهرباء، فيؤكد نظريان أنها محددة بقانون لا يمكن تعديله عن غير طريق مجلس النواب، وأن الأمر ليس مرتبطاً «بمزاج الوزير».