حتى ساعة متأخرة من ليل امس كانت الترجيحات تفيد بان مسرحية تأجيل ملفي التفرغ والعمداء في الجامعة اللبنانية ستتكرر في جلسة مجلس الوزراء اليوم، وأشارت مصادر لـ«الأخبار» إلى أن ما يعزز هذه الترجيحات هو اتفاق جرى على عدم ربط مناقشة بقية بنود جدول اعمال الجلسة بهذا البند، فضلا عن ان حزب الكتائب لم يتقدم باي جواب حاسم حتى الآن في شأن طرح الحزب التقدمي الاشتراكي الرامي الى التخلي عن «العميد الدرزي» لمصلحة إبقاء بيار يارد في عمادة كلية العلوم الطبية، وهذا ما اكّده وزير التربية الياس بو صعب، الذي ينتظر جوابا منذ أسبوع عبر الوزير ألان حكيم. وقال بو صعب في اتصال مع «الأخبار» إن التصور الذي قدمه الاشتراكي يمكن البناء عليه، وايجاد مخرج للحل على أساسه، ولكن لم يستطع بو صعب معرفة مطلب الكتائب المباشر بعد، «ناطر منن جواب، وما حدن حكاني من أسبوع».
اذاً، المسرحية نفسها قد تتكرر، وستواكب جلسة مجلس الوزراء اليوم اعتصامات حاشدة، ولا سيما في بيروت وطرابلس. ودعت رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الى أوسع مشاركة في اعتصام اليوم، وأنذرت السياسيين «اذا لم يتصاعد الدخان الأبيض في جلسة اليوم، فسيعلنون الجامعة اللبنانية جامعة منكوبة، والعطلة الجامعية، التي تبدأ في شهر آب، ستمتد الى أشهر من بعده، ولن تُجرى امتحانات الدورة الثانية، ولن يبدأ العام الدراسي الجامعي الجديد إذا لم تقر ملفات الجامعة اللبنانية».
عشية الجلسة اصدر حزب الكتائب بيانا أشار فيه على نحو مباشر الى أحد الأسباب الرئيسية لعرقلته اقرار ملفي التفرغ والعمداء، فقد تحدّث عن «محاولة مكشوفة لانتاج مجلس عمداء، الاكثرية الساحقة فيه موالية لقوى 8 اذار، وهذا ما لا يخدم الجامعة وأهلها ونهجها الاكاديمي». وتعليقا على هذا البيان، قال مصدر وزاري ان الاعتراض المباشر هو على حصة العونيين «الكبيرة». الا ان بيان الكتائب اشار الى انها لا تتمسك بحصة او بعميد او باسم، «بل الاكيد ان الكتائب تؤيد المطلب المزمن برفع وصاية السياسة ويد السياسيين عن الجامعة اللبنانية، وتمكينها من ممارسة دورها الاكاديمي». وأضاف البيان إنه «من المؤسف انصراف بعض المسؤولين الى التفتيش عن أعذار وهمية داخل الاحزاب بدلا من التركيز على اصلاح الخلل وسد الثغر في ملف الجامعة اللبنانية، الذي هو ملف مركزي يتعامل معه حزب الكتائب من خلال خلية عمل قوامها المكتب السياسي ووزراء الحزب والمجلس التربوي والوحدات ذات الصلة، ويصدر عنها قرار واحد ملزم».


لم يستطع بو
صعب معرفة مطلب الكتائب المباشر بعد

من جهتها، كشفت رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية في مؤتمرها الصحافي أمس، نيتها اعلان اضراب شامل يشمل كافة كليات الجامعة ابتداءً من شهر أيلول، اذ سيمتنع الأساتذة عن اجراء امتحانات الدورة الثانية، ولن يفتتح العام الجامعي الجديد في الكليات والمعاهد التي لا تعتمد الدورة الثانية. وأضاف بيان الرابطة، الذي تلاه رئيس هيئتها التنفيذية حميد الحكم، أن الرابطة ستعتمد جميع وسائل الضغط الديمقراطي للوصول الى مطالب الجامعة اللبنانية، «وقد أعذر من أنذر». وشرح «الواقع المرير الذي تعيشه الجامعة من جراء تنافس الكتل السياسية على قطف حصصها بعيدا عن المعايير الأكاديمية التي تفرضها القوانين والأنظمة المرعية الاجراء في الجامعة». ودعا السياسيين إلى رفع أيديهم عن الجامعة «لتبقى صرحا أكاديميا رائدا يؤدي رسالته الوطنية ودوره العلمي والثقافي والتربوي والاجتماعي». وأعلنت الرابطة تمسكها باستقلالية الجامعة «قولا وفعلا»، رافضةّ كل «محاولات الهيمنة والتعدي على حرمتها، تارة من خلال الاعتراض على ملفات الأساتذة، وطورا من خلال ترشيح بعضهم لهذا المنصب أو ذاك، اذ تحت شعارات حقوق الطوائف والمذاهب تناسى السياسيون أن للجامعة مجالسها، وأن للتعيين آلياته». وقال بيان الرابطة «ألا يعدّ ذلك امعانا في التدخل في الشؤون الأكاديمية وضربا لاستقلالية الجامعة واهانة لكرامة أساتذتها؟»، وشدد على أن مجالس الجامعة أكاديمية بامتياز لا مجالس «مليّة»، مشيرا الى دور وزير التربية من خلال مفاوضة السياسيين «لفتح شهية الكتل السياسية»، ورأى ان الشروط والاملاءات التي يطلبها السياسيون لا تتطابق بالضرورة مع شروط الجامعة ومعاييرها، وفضلت الرابطة «لو أن بصمات الجامعة ظلت الوحيدة الظاهرة على الملفات، ولم تحصل أي زيادة خارج اروقتها».



تهمة مخالفة القانون باطلة

خلافاً لما ورد في التقرير المنشور في «الأخبار» أمس، تحت عنوان: «تعيين عمداء الجامعة اللبنانية: خلافا للقانون»، فإن الجامعة اللبنانية، رفعت ترشيحات العمداء وفقاً للقانون، ورئاسة الجامعة كانت دائمة حريصة على احترام ومراعاة أنظمة وقوانين الجامعة اللبنانية، إن عند تكليف العمداء، أو عبر تطبيق آلية رفع الترشيحات وفق المادة 7 من القانون 66 تاريخ 4/3/2009. إلا أن كاتب التقرير حاول اتهام رئيس الجامعة بارتكاب جريمة بحقّ الجامعة، عندما كلّف عمداء إدارة شؤون الجامعة، وجواباً على هذه التهمة الباطلة، نحيل على دراستنا السابقة المنشورة في «الأخبار»، بتاريخ 20 كانون الثاني 2014، التي خلصنا بموجبها أنه وإلى أن يعمد مجلس الوزراء إلى تعيين عمداء أصيلين وفقاً لمتطلبات المادة 7 من القانون 66/2009، فإنه يبقى من حقّ الرئاسة، بل من واجبها، استبعاد تطبيق هذا القانون بالقدر الملائم الذي تتطلبه استمرارية الجامعة اللبنانية، وتكليف عمداء تطبيقاً للفقرة 5 من المادة 25 من القانون 75/67 التي تنصّ على: «وفي حال تعذر ذلك، يقوم رئيس الجامعة أو من يكلفه مقام العميد او المدير بجميع صلاحياته ومسؤولياته».
أما في ما خصّ الاتهام بمخالفة القانون عند رفع ترشيحات العمداء إلى مجلس الوزراء، فنجيب أنه خلافاً لما توصّل إليه كاتب التقرير، بناءً على وشوشات الهامسين سراً (بحسب قوله)، فإن ملفات المرشحين لتولي منصب العميد، درستها لجنة متخصصة، انتهت إلى تحديد الترشيحات المستوفية للشروط المقررة في القانون والتعاميم التنفيذية، ولا سيما التعميم الرقم 1 تاريخ 13/2/2012، الذي استند إلى فتوى هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل الرقم 53/2010 تاريخ 14/1/2010، التي أجازت قبول ترشيحات العمداء المكلفين قبل نفاذ القانون 66/2009، وأن سريان حظر تجديد الولاية إنما يبدأ بعد تعيين العمداء بمراسيم وفق أحكام القانون الجديد، وبالتالي فإن قبول ترشيحات العمداء بالتكليف لا يتعارض مع القانون 66/2009.
كانت رئاسة الجامعة حريصة على تطبيق الآلية المقررة في القانون، فقد أحال رئيس الجامعة على وزير التربية والتعليم العالي لائحة ترشيح تحمل ثلاثة اسماء قدّمها مجلس الجامعة من بين الأسماء الخمسة التي اقترحها مجلس الوحدة المعنية. ونشير في هذا المقام إلى أن هذه الأصول هي جوهرية ملزمة لمجلس الوزراء، بحيث تنحصر صلاحيته في التعيين لواحد من الأسماء الثلاثة المرفوعة من مجلس الجامعة، وإذا جرت مخالفة هذه الأصول، فإن مرسوم التعيين يكون مخالفاً للقانون وعرضةً للإبطال لعلةّ تجاوز حد السلطة.
عصام نعمة إسماعيل
أستاذ في الجامعة اللبنانية