سنسمع في الفيديو أصوات العاملين في «لجنة الإغاثة الدوليّة الفلسطينيّة». أصوات ترتجف لشدة ما نظر أصحابها إلى الموتى. أصوات تتقدم بين الأنقاض، وهذا ما اعتدناه أخيراً على الفضائيّات التي تنقل صوراً من فلسطين وسوريا والعراق. الفيديو قصير، ثلاث دقائق ونصف. لا تظهر في لحظاته الأولى ضحايا، أو صور بمنتهى القسوة، لكن السائرين في «حي الشجاعيّة»، كانوا يلحقون أصواتهم، كأن الأخيرة تدلّهم إلى الطريق.
ويمكن أيضاً، بوضوح تام، الإنصات إلى صوت الطائرات الحربيّة الإسرائيليّة، تحلّق فوق الجريمة؛ تحرسها من آمال النجاة. وغالب الظن، بعد تقدير الصوت أنها طائرات بلا طيّارين، كتلك التي مزّقت غيوم لبنان في حرب تموز 2006. بعد انتهاء جولة القصف الأولى، ستقصف الطائرات رئات المشاهدين، وسيشعرون بالاختناق الذي يسببه الذهول. يصل المسعفون في الوقت المناسب، ليكونوا شهوداً إضافيين، إلى عشرات الصور واللقطات والمشاهد. سنشاهد كل شيء في الفيديو. وفقاً لكثيرين من متابعي حفلة الدم الإسرائيليّة، يتصدر الفيديو هذا قائمة الفيديوهات التي لا تريد إسرائيل أن يشاهدها العالم، وإن كان مليونا شخص تقريباً قد شاهدوا هذا الفيديو حتى الآن، فيبدو أن الإسرائيليين ليسوا قلقين من شيء اسمه «رأي عام».

فيديو لجندي
اسرائيلي يقنص رجلاً
أعزل بين الركام

سنراه بوضوح تام ممداً على أرضٍ ضيقة، مجبولة بدماء العائلة وأشجار كانت قبل الركام، كان يلتحق بالأفق الأخير، يتسلق إصبعه الأفق إلى الله، ويموت كقمرٍ تبلعه سحابة عظيمة. سحابة من أصوات المسعفين الذين تسبقهم أصواتهم إلى المكان، ويتبعون خيوط الشمس بين أنقاض المنزل، لعلّهم ينقذون جريحاً أو يمسحون غباراً عن جبين طفل. هكذا تتوقف اللقطات التي التقطها هاتف أحد المتطوعين، خلاف «وقف إطلاق النار» في غزة، أول من أمس. لقطات لرجلٍ يتجول موتهِ في عيون المسعفين. كان المسعفون على بعد أمتار قليلة. والقول إنها قليلة ليس فيه مبالغة. لقد شاهدوا كل شيء ولم يقتربوا لأن القنّاص كان جباناً على نحوٍ لا يترك أي مجالٍ للشك بأنه جاهز لإطلاق مزيد من الرصاصات على المدني الجريح المحاصر. ولا يمكن القول حتى إنه كان بارعاً، لقد كان الرجل الفلسطيني ملتصقاً بالأرض، خلاصه الأول، قبل السماء خلاصه الأخير. قبل كل هذا، كان 70 شهيداً قد سقطوا، ونزح عشرات الآلاف. يتحدث المسعفون عن دبابات قريبة من موقع الحادثة، وعن شعورٍ ينتابهم بأن الإسرائيليين لن يطلقوا النار على المسعفين، خصوصاً أنّ ذلك حدث خلال «وقف إطلاق النار». وفي الحروب، يعرف العارفون، أنّ «وقت إطلاق النار» هو موعد طوفان الألم. والقنّاص لا يتعب، سيشاهد الفيديو مثل الجميع ولكنه لن يندم. الجنود قَتَلة، وكان على المسعفين أن يعرفوا ذلك، ألا يتركوا الرجل يذهب إلى مرمى القناص، وإن كانت الخيارات تنحسر بين الموت أو ترك الموتى يموتون وحدهم. في الفيديو، الرصاصة الأخيرة تحسم الموقف. سيموت الأعزل هكذا وحده في منتصف الركام الذي كان منزلاً قبل ساعات.

http://yvonneridley.org/analysis-and-opinion/5-videos-the-israeli-military-wish-youd-stop-sharing-on-facebook-and-twitter/