لندن | عاد «قانون الإرهاب» البريطاني إلى الواجهة في بريطانيا، بعدما نشرت صحف عدّة، أبرزها «غارديان» مقالات تؤكد أنّ تعريف «الإرهاب» الفضفاض في البلاد «قد يطاول صحافيين وسياسيين ومدوّنيين، ينشرون مواد قد تعتبر السلطات أنّها تشكّل خطراً على السلامة العامة». في تقريره السنوي أمام البرلمان البريطاني، طرح المرجع المستقل لتشريعات مكافحة الإرهاب لدى الحكومة ديفيد أندرسون أخيراً تساؤلات حول تعريف «الإرهاب» الذي يمكن أن تستغله الشرطة والادعاء العام البريطاني لقمع الصحافيين والمدونين.
وفق القانون الذي سُنّ بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) عام 2001، يُعتبر إرهاباً «أيّ فعل أو تهديد يهدف إلى التأثير على الحكومة، أو على منظمة حكومية دولية، من خلال تخويف الجمهور أو جزء منه». في حكم فقرات القانون هذه، يمكن أن تصنّف المنشورات التي تحتوي موادها على توجّهات سياسية «خطراً على الصحة والسلامة العامتين»، كما يمكن إدارجها في إطار الإرهاب «إذا كان هدفها التأثير على الحكومة»، وفق ما قال أندرسون.
وهذا يعني اعتبار أيّ صحافي أو مدوّن عُرضة لاعتقال «سلطات مكافحة الإرهاب» إذا «هدّد أو تحضّر لنشر ما تعتقد السلطات أنّه يمثل خطراً على الحياة والصحة والسلامة العامة». بالتالي، يمكن اعتباره أيضاً «إرهابياً» حتى ولو لم تكن «لديه نيّة لنشر الخوف والرعب بين الجمهور». ورأى أندرسون أنّ هذا التعريف يطاول من شغّل أو قدّم دعماً وعوناً للصحافي والمدوّن، كما يطاول ناشطي الحملات الضاغطة في قطاع الصحة تحت ذريعة تهديدها «الصحة العامة».
يُذكر أن بريطانيا سنّت قانون «الوقاية من الإرهاب» عام 1989 الذي كان موجّهاً ضد إيرلندا الشمالية وحركاتها السياسية، وأتبعته بقانون آخر عام 1996. بعد انتهاء حرب أفغانستان، استقبلت بريطانيا بعضاً من «مجاهدي» تنظيم «القاعدة» الذين سكنوا في شرق لندن. سنوات من دعم «القاعدة» مالياً وعسكرياً ضد الاتحاد السوفياتي سابقاً، لم تمنع بريطانيا من سنّ «قانون الإرهاب» عام 2000 الذي وجّه ضد «نشطاء القاعدة»، لكنه أصبح ذريعة جائرة لمصادرة الحريات العامة، التي ازدادت وتيرتها بعد تفجيرات مترو الأنفاق في عاصمة الضباب في تموز (يوليو) 2005.
عام 2010، حكمت «المحكمة الأُوروبية لحقوق الإنسان» بعدم قانونية البند 44 من القانون الذي يحمل اسم «التوقيف والتفتيش». بند تستخدمه الشرطة البريطانية بكثافة في الأماكن العامة، وعادةّ ما يكون موجّهاً ضد المسلمين أو أشخاص من أُصول أفريقية.




أسانج في السفارة

أكثر من 10 ملايين و 246 ألف دولار أميركي، هي تكلفة تشغيل الشرطة البريطانية لدورية مراقبة أمام السفارة الإكوادورية، تأهبّاً لاعتقال جوليان أسانج، الصحافي الأوسترالي ومحرّر موقع «ويكيليكس». المراقبة تتواصل على مدار 24 ساعة كل أيّام الأسبوع، منذ 19 حزيران (يونيو) عام 2012. أسانج الذي خطى في ذلك التاريخ داخل السفارة الإكوادورية (غرب لندن)، كرّر أكثر من مرّة أنّه لن يغادها، حتى لو أُسقطت عنه تهم التحرّش الجنسي في السويد، خوفاً من ملاحقته من قبل الولايات المتحدة الأميركية. يُذكر أنّ الإكوادور لم تكتف باستقبال القرصان المشاكس في سفارتها اللندنية وحسب بل منحته اللجوء السياسي إليها أيضاً.