وصل ملفّا «رواتب موظفي القطاع العام» و«التفرغ وتعيين عمداء للجامعة اللبنانية» إلى الخاتمة «السعيدة»، المتوقّعة مسبقاً. فالتسويات الجانبية خارج مجلس الوزراء في كلا الملفّين، أثمرت توافقاً في المجلس على تعيين عمداء 19 كليّة في الجامعة، وقيام الجامعة بإجراء عقود تفرغ مع المرشحين المقترحين من قبل وزير التربية إلياس بو صعب، إضافة إلى الموافقة على «تأمين الاعتمادات اللازمة للرواتب والأجور، من احتياطي الموازنة».
ومن خارج جدول الأعمال، توافق الوزراء على البند الأبرز والأهم، بناءً على اقتراح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وهو «إلغاء وثائق الاتصال ولوائح الإخضاع الصادرة عن الأجهزة الأمنية حتى تاريخه، وتكليف وزراء الداخلية والدفاع والعدل إعادة النظر في الإجراءات المتعلقة بهذا الموضوع». ولاقى اقتراح المشنوق دعماً واضحاً من الرئيس تمام سلام خلال الجلسة، وموافقة الوزراء بالإجماع. ومما لا شكّ فيه أن قرار الحكومة سيعكس ارتياحاً في الشارع، لا سيّما في طرابلس والبقاع الشمالي خصوصاً، إذ يطال القرار بحسب مصادر وزارية معنية أكثر من 60 ألف لبناني، صادرة بحقهم «لوائح إخضاع» من الأمن العام و«وثائق اتصال» من استخبارات الجيش اللبناني، وهي أشبه بتبليغات صادرة عن تقارير مخبرين من دون قرار قضائي. إلّا أن القرار لا يطال من صدرت بحقّهم مذكرات توقيف قضائية، أو المتهمين بجرم العمالة لإسرائيل. وعزت مصادر وزارية في فريق 8 آذار الموافقة على هذا القرار إلى «تنفيس الاحتقان في الشارع». وقالت المصادر لـ«الأخبار» إن «الاقتراح يسقط عن الآلاف من المواطنين تهماً في أغلبها غير حقيقية أو مضخمة». من جهته، علّق وزير الداخلية على القرار بالقول لـ«الأخبار» إن «القرار هو انتصار للحريات في لبنان». وأشار المشنوق إلى أن «الهدف من القرار هو تخفيف الاحتقان في البلد، في طرابلس والبقاع خصوصاً»، مؤكّداً أن «لبنان سيبقى مكاناً دائماً للحريات والأمن المسؤول».

شنّ مسلحون ليل
أمس هجوماً على إحدى نقاط الجيش اللبناني
في جرود عرسال
وبعيداً عن مقررات المجلس، تشير وقائع جلسة أمس، التي بدأها سلام بالتأكيد على ضرورة أن «تبقى الحكومة فاعلة وعلى ضرورة الاستفادة من آلية عمل الحكومة التوافقية لما فيه مصلحة البلد»، إلى إجماع مختلف القوى السياسية على الحفاظ على عمل الحكومة. وأشارت مصادر قوى 8 آذار الوزارية لـ«الأخبار» إلى أن «تمسّك غالبية الكتل السياسية بعمل الحكومة يعكس حرصاً على بقاء البلد مستقراً، كما أن تفعيل المجلس النيابي مطلوب لاستكمال عمل الحكومة». وفي السياق ذاته، شهدت الجلسة على هامشها خلوة بين وزير التربية ووزير العمل سجعان قزّي، أشبه بـ«صلحة»، بعد الاختلاف في وجهات النظر الذي ساد الأسبوعين الماضيين بشأن ملفّ تعيين العمداء في الجامعة. وأشار قزّي لـ«الأخبار» إلى أن «ما حصل بيني وبين وزير التربية كان سوء تفاهم ليس أكثر وانتهينا منه، وما يجمعنا مع التيار الوطني الحرّ أكثر مما يفرقنا». وكذلك شهدت الجلسة أخذاً وردّاً بين وزير الصناعة حسين الحاج حسن ووزير الخارجية جبران باسيل الذي انتقد آلية تعيين 10 أجراء في وزارة الصناعة، ما استدعى ردّاً من الحاج حسن، وما لبث «سوء التفاهم» أن انتهى.
من جهة ثانية، عقد قادة الأجهزة الأمنية في مكتب قائد الجيش العماد جان قهوجي في اليرزة اجتماعاً أمنياً، ناقشوا خلاله «المستجدات الأمنية في البلاد، خصوصاً على الحدود الشرقية والشمالية». وتم التوافق على تعزيز التنسيق بين الأجهزة العسكرية والأمنية، واتخاذ سلسلة من الإجراءات لفرض الأمن والاستقرار في مختلف المناطق اللبنانية.

العلاقة شبه مقطوعة بين المستقبل وحزب الله

على صعيدٍ آخر، زار رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، برفقة وفد. وعلّق رعد بعد اللقاء على خطاب الرئيس سعد الحريري الأخير بالقول إن «ما يجري في المنطقة هو متجاوز كثيراً لكل الخطابات الداخلية التي تتصل بالشأن اللبناني». وأضاف: «اليوم هم يمدحون ويثنون على المقاومة في فلسطين وغزة، فلماذا المقاومة هناك تنهي العدوان الإسرائيلي والمقاومة هنا تسبب كارثة للبلد؟». وعن التمديد للمجلس النيابي في حال استمر الشغور في سدة الرئاسة الأولى، قال: «لكل حادث حديث»، مشيراً إلى أن «العلاقة بين حزب الله وتيار المستقبل شبه مقطوعة».

طرابلس

من جهة أخرى، علّقت «هيئة العلماء المسلمين في لبنان»، في بيان لها بعد اجتماعها الموسّع في طرابلس أمس، على الخطة الأمنية، معتبرةً أن «التوقيفات لم تشمل إلا مناطق المسلمين السّنة». ورفضت الهيئة في بيانها، على لسان الشيخ سالم الرافعي، «استمرار التوقيفات الكيدية من غير اتهام أو محاكمة، واعتقالات مخالفة للأصول القانونية مع ممارسة التعذيب». واعتبر البيان توقيف الشيخ حسام الصباغ «انعطافة خطيرة في مسيرة التجاوزات». وأشار الرافعي إلى أن الهيئة تدين «أي ظلم أو اضطهاد ديني تتعرض له أي طائفة في أي مكان في العالم، خاصة في العراق والشام». وكذلك دعا الرافعي باسم الهيئة إلى «إطلاق الشيخ حسين عطوي... والإصرار على حق المسلمين السنّة في مقاومة العدو الصهيوني». يذكر أن الشيخ خالد حبلص، عضو الهيئة، كان قد لوّح في اعتصام أمام مسجد حمزة في القبة، مساء أول من أمس، بأن «مئات الجنود في الجيش على أهبة الاستعداد للانشقاق عنه، على غرار عاطف سعد الدين (الجندي الفار من اللواء الثامن) إذا استمر الظلم يلحق بأهل السنّة».
أمنياً، شنّ مسلحون ينتمون إلى فصائل المعارضة السورية هجوماً، انطلاقاً من جرود عرسال، على إحدى نقاط الجيش اللبناني على تخوم البلدة، واستمر الاشتباك حتى ساعات الفجر الأولى.