بعيداً عن تطوّرات الإقليم، لم تسجّل الساحة السياسية اللبنانية خلال عطلة نهاية الأسبوع أي اختراق جدّي للجمود السياسي الداخلي، عدا اللقاء الذي جمع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط. واستقبل نصر الله جنبلاط بحضور مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا.
اللقاء لم يكن مفاجئاً، وخصوصاً بعد تسريبات الأسبوع الماضي عن احتمال عقده في أي وقت، ليبقى التوقيت لافتاً بعد حديث نصر الله يوم الجمعة الماضي. وأشارت مصادر مطلعة إلى أن «اللقاء كان ودياً، وأهميته بالتواصل المباشر، واللافت هو الهدية التي قدمها جنبلاط للأمين العام، وهو كتاب يتحدث عن اتفاقية سايكس بيكو (A Line in the Sand للكاتب جايمس بار)». وأشار البيان إلى أنه «تم التباحث في ما يجري في غزة من جرائم صهيونية بحق الشعب الفلسطيني، حيث أكد الطرفان على أن فلسطين تبقى القضية المركزية وهي تعلو فوق كل الخلافات السياسية». كذلك أشار البيان إلى أنه «جرى نقاش حول ما يجري في العراق وما تشهده منطقة الموصل من تهجير للمسيحيين وقتل لهم وللمسلمين على أيدي التكفيريين، الأمر الذي كان موضع استنكار الطرفين». وبحث الطرفان في «أهمية تفعيل العمل الحكومي وتنشيطه، مشددين على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والتوافق على ضرورة الحفاظ على التماسك الداخلي من خلال رفع مستويات التنسيق بين الأجهزة الأمنية». وتطرق البحث إلى «موضوع العلاقات الثنائية بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي، حيث عبر الطرفان عن رضاهما عن حسن سير هذه العلاقة، وأكدا على ضرورة تطويرها».

عودة «الحرارة» بين أمل والتيار


اتفق «العونيون» و«أمل» على عدم إعطاء السنيورة
براءة ذمة


في سياق آخر، استؤنف الحوار بين التيار الوطني الحر وحركة أمل عبر سلسلة اجتماعات «التنسيقية» عقدت في الأسبوعين الأخيرين، بعدما كانت تعقد بشكل شبه أسبوعي وتوقّفت في المرحلة الماضية. لكن اللافت هذه المرة أن الممثّل العوني ليس وزير الخارجية جبران باسيل، بل نواب في تكتل التغيير والإصلاح والوزير الياس بوصعب. وعلمت «الأخبار» أن جلستين جمعتا الأسبوع الماضي وزير المال علي حسن خليل ببعض نواب التيار، ناقش خلالها الطرفان «الملفات الحكومية العالقة، على أن تستمر هذه اللقاءات لاحقاً». وتقول مصادر مطلعة على الاجتماع إن «الطرفين اتفقا على النقاط الرئيسية في موضوع سلسلة الرتب والرواتب، فضلاً عن اتفاقهما على عدم إعطاء رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة براءة ذمة بصورة خاصة». وأشارت المصادر إلى أن العلاقة بين باسيل من جهة، و«زميله» خليل والرئيس نبيه بري من جهة ثانية، باتت شبه مقطوعة منذ مدة طويلة. وتردّ المصادر أسباب تردّي العلاقة إلى ما تسميه «غياب الكيمياء» بين الطرفين، بالإضافة إلى عدم رضى برّي عن أداء باسيل في الخارجية، سواء في الإدارة، أو انتقاده الدائم لأداء وزراء الخارجية السابقين. وفي إحدى المرات، «كتب بري بياناً صدر باسم وزير الخارجية السابق عدنان منصور، وقال فيه إن باسيل يتصرف كما لو أنه لم يكن هناك وزارة خارجية قبله، تماماً كما تصرف سابقاً عندما كاد يقول إن النفط لم يكن موجوداً قبله ولا سيكون موجوداً بعده». وتقول المصادر إن «العلاقة مع باسيل فيها حسنات، لناحية كونه أقرب إلى صاحب القرار، وأحياناً كثيرة شريك في القرار، والباقون هم رُسُل. لكن العلاقة معه متعبة لناحية فوقيته وعدم إفصاحه عما يريده فعلاً».

حظوظ الجميل أكبر من حظوظ جعجع

من جهة ثانية، وفي إطار الجولة التي يقوم بها السنيورة على حلفائه من ضمن خريطة الطريق التي اقترحها الرئيس سعد الحريري، لفتت مصادر نيابية في كتلة المستقبل إلى أن السنيورة شعر منذ لقاءاته الأولى بأن «الأجواء داخل فريق 14 آذار لا تزال على حالها». وأضافت «بدايتها كانت مع رئيس حزب الكتائب اللبنانية أمين الجميل، حيث سأل السنيورة الجميل ما الذي يُمكن فعله بعد دعم ترشيح الدكتور سمير جعجع والاصطدام بمقاطعة فريق الثامن من آذار وتعطيل النصاب»، فكان ردّ الجميّل أنه «طالما نحن مستمرون بترشيح جعجع، فإن ذلك لن يؤدي إلى أي تغيير، وأنتم تقولون إن لديكم مبادرة لفتح ثغرة في الجدار، وهذا يُحتّم عليكم التراجع عن هذا الدعم». وقال الجميل «أنا لا أزال مرشحاً، ولديّ حظوظ أوفر من جعجع ومن النائب ميشال عون، لعدّة أسباب؛ أهمها أنني رئيس قويّ، وتربطني بجميع الأطراف علاقات جيدة، وبين عون وجعجع تخوّلني سياستي أن أُحدث خرقاً». حينئذ ردّ السنيورة بالقول إن «تيار المستقبل لا يضع فيتو على أحد، وإن حديث الرئيس الحريري عن البحث في أسماء وسطية يهدف إلى الخروج من الحلقة الرئاسية المفرغة. أما إذا اتفق المسيحيون على رئيس واحد، فنحن لا نمانع وإن كان أحد القادة الأربعة الموارنة». واعتبرت المصادر أن «ما قيل يشي بأن الانتخابات الرئاسية عادت إلى المربع الأول، طالما أن الجميّل لا يزال طامحاً، كما بالتأكيد بطرس حرب وروبير غانم»، وهذا يعني أن «أي تقدّم لم يطرأ على هذا الصعيد». ومن هنا ترشّح المصادر أن «تبقى في إطار الزيارات والمحادثات ليس أكثر».
وما يُعزز فرضية أن الشغور مستمر إلى أمد طويل، هي الاتفاقات الحكومية التي وصفتها مصادر وزارية «بالإعجاز الحكومي»، حيث «أتت هذه القرارات التي أقرّتها الحكومة في جلستها الأخيرة بعد تعطيل كاد يصل إلى إطاحتها، بأن الفرقاء مجتمعين ومن خلفهم الدول الإقليمية والدولية، حريصون كل الحرص على بقاء الحكومة وإنتاجيتها، وهذا ما يؤكّد أن الاستحقاق مؤخر إلى فترة طويلة جداً، ولا يُمكن فصله عما يُحكى عن التمديد للمجلس النيابي».

إخلاء «الريحانية» من المدنيين

في سياق آخر، كرر قائد الجيش العماد جان قهوجي خلال الاجتماع الأخير الذي جمع قادة الأجهزة الأمنية في مكتبه يوم الخميس الماضي، مطالبته قوى الأمن الداخلي ووزارة الداخلية باسترداد الموقوفين المدنيين في سجن الريحانية، ونقلهم إلى سجون للمدنيين. وعملت «الأخبار» أن قهوجي أشار أمام المجتمعين إلى أن «سجن الريحانية سجن للعسكريين وليس للمدنيين، ولن نترك فيه أي موقوف مدني، لأن السجن غير مجهز لندير عملية توقيف مدنيين فيه»، علماً بأن الجيش كان قد طلب الأمر ذاته قبل أشهر عدّة.
يذكر أن هذا المطلب هو واحد من مطالب الذين يحتجون على ملف توقيف الإسلاميين.