أيقنت عائلات اللبنانيين العشرين، ضحايا تحطم الطائرة الجزائرية فجر الأربعاء الماضي فوق مالي الأفريقية، أن الدرب طويل إلى تلمس جثامين أبنائهم. كارثة لا على البال ولا على الخاطر، في وقت لم تحسب فيه قرى الخرايب وحاريص والزرارية وصريفا أنها ستستبدل بزينة عيد الفطر الرايات السود ولافتات النعي، في الأزقة وفوق البيوت والطرق المؤدية إليها في قضاءَي صور والزهراني.
تتابع العائلات الثكلى عملية إزالة حطام الطائرة وانتشال الجثامين عبر الإعلام. مشاهد الركام وبقايا الأغراض الشخصية للمسافرين في مسرح الحدث تكاد تنزل كالصاعقة، وقطع الطائرة الصغيرة المحترقة تضاعف الفجيعة، وتعقّد التعرف إلى هويات الضحايا.
نُقل عن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي تتولى بلاده عملية الانتشال أنه عازم على نقل أشلاء جميع الضحايا إلى فرنسا لفحصها وتحديد هوياتها. وفي واحدة من المرات القليلة التي تتحرك فيها الدولة اللبنانية، لم تنتظر وزارة الخارجية والمغتربين إنجاز العملية الفرنسية التي لم تبدأ بعد، فأوعزت صباح السبت إلى القائم بالأعمال في سفارة ساحل العاج أحمد سويدان، الانتقال إلى بوركينا فاسو التي سافر منها الضحايا، بهدف مؤازرة الجالية اللبنانية (نحو ألف شخص) ومواساة المفجوعين وفتح أماكن العزاء. والتقى سويدان، الذي انتقل مساء أمس إلى مالي لملاقاة الوفد الرسمي الذي توجه صباحاً من لبنان، رئيس الجمهورية فاسو بليز كومباووري ورؤساء البعثات الدبلوماسية. وضمّ الوفد اللبناني المدير العام للمغتربين هيثم جمعة ورئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير وضابطاً من الأمن العام والبروفسور فؤاد أيوب، الخبير في فحوص الحمض النووي.
واستعرضت وزارة الخارجية في بيان لها الاتصالات التي قام بها الوزير جبران باسيل مع المسؤولين في فرنسا وبوركينا فاسو ومالي والجزائر. وأكد وزير النقل الجزائري عمار غول في اتصال مع باسيل «استعداد شركة الطيران الجزائرية لتحمّل المسؤولية المترتبة»، مشيراً إلى أن «لجنة التحقيق التي ستشكلها مالي، الوحيدة المؤهلة لتحديد أسباب الحادث وتقديم النتائج الرسمية».
ولفتت مصادر الجالية في بوركينا فاسو إلى أن الطائرة الجزائرية تشبه طائرة كوتونو في مواصفاتها كما في مصيرها. إذ نقلت عن السلطات المحلية تأكيدها أنها ليست حديثة من ضمن أسطول الخطوط الجوية الجزائرية، بل مستأجرة من شركة «سويفت إير» الإسبانية حيث تخصصها لتسيير الرحلات بين العاصمة البوركينية والجزائر، لنقل الركاب بالترانزيت قبل توزعهم على خطوط طيران أخرى.