«الحق سلاحي وأقاوم؛ أنا فوق جراحي سأقاوم/ أنا لن أستسلم، لن أرضى، وعليك بلادي لا أساوم». هكذا تفتح أغنية «الحق سلاحي» لجوليا بطرس على قناة «الميادين» طريقها إلى قلوب ملايين من المؤيدين لفكرة المقاومة على امتداد الوطن العربي. ذلك الجمهور الذي لا يمتلك في المعتاد صوتاً يمثّله خارج الإطار «الكلاسيكي» لقناة «المنار».
تعرف «الميادين» من أين تؤكل الكتف. تدرك أن وعي الشارع العربي لا يمكن التعامل معه ببراغماتية القنوات المستنسخة عن «سي أن أن»، فالقناة الأميركية أنشئت للتعامل مع الغرب والمجتمع الأميركي عموماً. عربياً، يتأثر الشارع العربي كثيراً بالأغاني، بالشعر، بالكلمات المرصوفة، وخصوصاً عن فلسطين أو عن قضاياه المشتركة: التحرر، الحرية وبالتأكيد الظلم الخارجي الواقع على العرب. كان طبيعياً أن تلجأ القناة «المقاومة» والمهتمة بالقضايا العربية إلى طرق هذا الباب للوصول إلى مُشاهدٍ تبتعد منه القنوات «الخليجية» وتتجنبه، فصنعت بحرفية مجموعة من الفيديوهات القصيرة لشعراءٍ عرب معروفين (وحتى أحياناً باللغة الإنكليزية) تتحدث عن مقاومة الاستعمار والاحتلال.
جوليا التي كانت قد «غرّدت» على تويتر بأنّها ستطلق أغنيتها على «الميادين»، مستعملة أساليب التواصل الاجتماعي الحديثة في إيصال صوتها، خصوصاً بعدما أثبتت تلك الوسائل نجاعتها في عدوان غزّة. النجمة اللبنانية التي تقدّم حفلتين على مسرح «بلاتيا» (جونيه) في 5 و 6 أيلول (سبتمبر) المقبل، تميزت منذ انطلاقتها بأنّها ظلت محافظة على طريقة غنائية مختلفة عن المعتاد. لم تغيّر بوصلتها، بقيت تغني الثورة والوطن، وإن لامست أحياناً الحب عبر أغنيات راقية لم تفقد مستواها الفني أبداً: لا في اللغة ولا طبيعة الموضوع. الفنانة اللبنانية المولودة في بيروت عام 1968، عرفها الجمهور العربي من خلال أغنيتها الشهيرة «غابت شمس الحق» مرفقة بأخيها الملحّن زياد بطرس الذي رافقها منذ البدايات (هو ملحن «الحق سلاحي» أيضاً). بقيت جوليا تحتل مكانة خاصة في قلوب جميع عشاق الأغنيات الوطنية والعاطفية الهادئة، فأخذت مكاناً طبيعياً خارج الإطار المعتاد للمغنين الوطنيين الذين يتجنبون الاقتراب من فكرة «العشق» و«الحب» إلا من خلال أفكار «القتال» و«المقاومة» فقط، فأدت اللون العاطفي ولو ببعدٍ إنساني. وكانت جوليا قد قامت بمشروع «أحبائي» بعد انتهاء عدوان 2006 على لبنان، جامعة من خلال حفلاتها 3 ملايين دولار أميركي أعلنت في مؤتمر صحافي أنها تبرّعت بها لشهداء المقاومة اللبنانية وشهداء الجيش اللبناني في أحداث نهر البارد.
بالعودة إلى أغنيتها «الحق سلاحي» (كلمات نبيل أبو عبدو، وتوزيع ميشال فاضل، وألحان زياد بطرس) التي بدأ بثها أمس عبر الإذاعات، فقد قدمتها «الميادين» في كليب يبدو أنه صنع على عجلٍ لبثّه سريعاً مواكبةً للأحداث المتلاحقة والقاسية في غزّة. وتبدو جوليا متأثرة جداً في أدائها الصوتي، وتعطي واحداً من أجمل لمسات صوتها في مقطع «يرحلون ونبقى... والأرض لنا ستبقى» (خصوصاً في المقطع الثاني قرابة الدقيقة 2:06). بدا صوتها شجياً وقوياً في آن، وهو أمرٌ شديد الصعوبة في الغناء.