فيما بات جلياً أن ملف رئاسة الجمهورية وضع على الرفّ الاقليمي والدولي مع انشغال معظم الجهات الفاعلة بالعدوان على غزة واجتياح «داعش» للعراق، طغى التمديد للمجلس النيابي على المشهد السياسي بعد أن أصبح بمثابة الأمر الواقع إذا لم تبدّده أعجوبة رئاسية. ولم يكد وزير الصحة وائل أبو فاعور يكشف عن حقيقة النقاش الدائر حول التمديد لمجلس النواب، حتى بدأت بعض القوى السياسية تثبت صحة كلامه، مناقضة تصريحاتها السابقة الرافضة لإضافة ولو يوم واحد على ولاية المجلس النيابي الممدد له.
فبعد أن أكد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري يوم الجمعة الماضي رفضه التمديد بالمطلق، بدا تيار المستقبل أمس كمن يسعى لتبرير هذا «الأمر الواقع»، إذ رأى عضو المكتب السياسي في التيار، النائب السابق مصطفى علوش، أن «منطق تداول السلطات يكون بإجراء الاستحقاق الرئاسي أولاً. ولكن في الوقت نفسه واقع التمديد للمجلس قد يطرح نفسه بشكل حاسم عندما تأتي الساعة، وسيصبح عندها أمراً واقعاً بغض النظر عن نظرية المؤامرة، والمجلس يمدّد لنفسه». وقال علوش إن «حزب الله لن يتوقف عن دعم رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون (...) وعون مستعدّ للإكمال بالترشح حتى النهاية، حتى ولو لم يعد هناك من بلد يحكمه». وتعليقاً على المعلومات التي تحدثت عن وجود معسكرات تدريب في الشمال ووجود مخطط لخطف مدنيين لاستبدالهم بإسلاميين موقوفين في سجن رومية، سخر علوش من الأفكار الـ«جيمس بوندية»، مضيفاً: «في الواقع نحن في بلد صغير، وإذا تحركت النملة تستطيع أجهزة المخابرات التقاط ذلك». وفيما سبق للنائب إيلي ماروني قبل نحو عشرين يوماً أن عبّر عن موقف حزب الكتائب المؤيد للتمديد إذا كان الخيار بينه وبين الفراغ، أعرب الحزب أمس عن معارضته «للتمديد الشائع معارضة لا هوادة فيها ولا رجوع عنها». وكان الكتائب قد طالب «الكتل النيابية باتخاذ موقف دستوري يؤمّن النصاب وينتج رئيساً»، مضيفا أن «من المعيب بحق النظام اللبناني الرائد بديمقراطيته استضافة مؤتمر دول الجوار السوري في أيلول المقبل مع استمرار خلوّ سدة الرئاسة».
واقع التمديد قد يطرح نفسه بشكل حاسم وسيصبح عندها أمراً واقعاً
على المقلب الآخر، أوحى كلام رئيس حزب القوات اللبنانية أمس، خلال استقباله وفداً من الجامعة اللبنانية الثقافية، كأن الانتخابات النيابية حاصلة في موعدها. فبعد أن أكد لزواره «تكريس قانون انتخابات عام 2009 لحق المغتربين الدستوري في الاقتراع»، طالب الحكومة «بتسريع الخطى على مستوى الترتيبات المطلوبة والإجراءات الادارية لتمكين أكبر نسبة ممكنة من اللبنانيين المقيمين في بلدان الاغتراب من المشاركة». في غضون ذلك، كان مستشار جعجع العميد وهبي قاطيشا يقول في حديث إذاعي: «من الآن لغاية 12 آب قد يكون لنا موقف آخر من مسألة التمديد للبرلمان»، وذلك رداً على سؤال حول التوافق بين القوات والتيار الوطني الحر على عدم التمديد للمجلس النيابي. وأضاف: «يبدو أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط يبحثان بالتمديد للمجلس النيابي».
من جانبه، ما زال التيار الوطني الحر متمسكاً بحصول الانتخابات النيابية في مواعيدها، إذ لفت النائب آلان عون الى أن «من الممكن إجراء الانتخابات النيابية، لأنه لا مانع من أن يصوّت اللبنانيين، ومن الافضل تحت قانون جديد. وهناك إمكانية لإجراء هذه الانتخابات حتى لو تعذر الاتفاق على قانون جديد». وأوضح في حديث تلفزيوني أنه «لا شيء يمنع أن يصبح هناك تشريع، ونحن نشارك في الاجتماعات الضرورية التي لها علاقة بالمواضيع الاساسية في البلد كسلسلة الرتب والرواتب والانتخابات النيابية والرئاسية، وغيرها من القضايا الوطنية». وفي سياق مختلف، أشار عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب سيمون أبي رميا الى أننا «نحاول أن نقوم بجهدنا لنشرّك المسيحيين في دورات الاجهزة الامنية كافة، وآخر الدورات التي حصلت في الاجهزة الامنية كان فيها توازن طائفي بين المتطوعين». وأكّد في حديث تلفزيوني أن «المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص أبلغنا أنه سيظل يحافظ على التوازن الطائفي، وسيأخذ 1250 دركياً و1250 رقيباً من المسيحيين، لكي يكون هناك توازن طائفي واحترام للمناصفة».
على صعيد آخر، قال رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون: «بئس زمن نشهد فيه مجازر الأطفال في غزة ومجازر الكبار في الموصل، وسط صمت مريب، وتحت أنظار المتفرجين المتواطئين».