منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزّة، وضعت قناة «الجزيرة» القطرية ثقلها في التغطية، علّها تستعيد بعضاً من الشعبية التي خسرتها خلال الفترة الماضية. أسلوب يعتمد على «الاستبسال» في الدفاع عن القطاع المحاصر وأهله، لكن مع استضافة مسؤولين إسرائليين ومهاجمتهم على الهواء بطريقة كاريكاتورية، بينما كان يمكن تغييب وجهة نظر العدو تماماً.
على خط موازٍ، بدت شقيقتاها «الجزيرة أميركا» و«الجزيرة إنكليزية» أكثر وضوحاً في تحديد موقعهما في هذه المعركة، وخصوصاً بعد التقرير (60 دقيقة) الذي أعده مراسلهما في غزّة نيك سشيفرين في 1 آب (أغسطس) الماضي، بالتعاون مع بول بيبان وجوناثان بيتز. علماً بأنّ الأوّل والثاني سبق أن عملا في شبكة abc الأميركية، فيما يتمركز سشيفرين عادةً في القدس المحتلة، وبيبان في دنفر في ولاية كولورادو الأميركية.
التقرير حمل عنوان «غزّة: شاهدة على الحرب»، وحاول استغلال الهدنة التي كان يفترض أن تدوم 72 ساعة الأسبوع الماضي لـ«إلقاء نظرة أقرب على «حماس» بأسلحتها وأنفاقها المؤدية إلى إسرائيل»، وفق التعريف الترويجي، الذي نُشر قبل عرض الشريط على الهواء. وأضاف التعريف أنّ التقرير سيظهر كيف أنّه «حتى في أوقات الحرب، هناك قدرة ورغبة في الحفاظ على الحياة اليومية».
قدّم نيك
سشيفرين معلومات
عن أماكن إطلاق المقاومة للصواريخ

كانت هذه مهمّة سشيفرين، إضافة إلى «التطرّق إلى آلاف المدنيين الفلسطينيين المتضررين من الحرب والكارثة الإنسانية في غزّة»، مقابل وقوف بيبان عند الجهود الإسرائيلية الرامية إلى «تدمير الأنفاق في غزّة»، من دون أن ننسى أنّ الجزء المتعلّق بعرض بتاريخ حركة «حماس» ألقي على عاتق بيتز.
كما كان متوقعاً، لم تأت النتيجة خلافاً لأداء المحطتين. أداء في حالة «الجزيرة أميركا» (تتخذ من نيويورك مقراً لها) جاء منسجماً مع القناة التي قررت مغازلة إسرائيل جهاراً منذ انطلاقتها. انحياز «الجزيرتين»، وخصوصاً نيك سشيفرين، لإسرائيل في مجازرها اليومية في غزّة، أثار حفيظة نشطاء كثر على مواقع التواصل الاجتماعي. الغضب تصاعد بعد تقديم سشيفرين معلومات عن أماكن إطلاق المقاومة الفلسطينية للصواريخ عبر «الجزيرة إنكليزية»، وطاول كذلك فصائل فلسطينية وسط دعوات إلى طرده من غزة.
وفي سبيل هذه الغاية، أطلق روّاد السوشال ميديا حملة افتراضية تُطالب بطرد سشيفرين فوراً من غزّة على خلفية تغطيته «غير المهنية» للعدوان.
ورصدت بعض المواقع الإخبارية العربية أنّ صفحة إلكترونية تابعة لألوية الناصر صلاح الدين انضمت إلى هذه الحملة، في الوقت الذي استنكر فيه نشطاء فلسطينيون يرصدون الإعلام الأجنبي والعربي إصرار سشيفرين على تقديم «صور ة خاطئة عما يجري في غزّة، وتبنيه رواية الاحتلال في ما يخص العمليات العسكرية». ومنذ بداية العدوان على غزّة، أُخذ عدد كبير من متابعي «الجزيرة إنكليزية» و«الجزيرة أميركا» عليهما عدم مهنيتهما في تغطية الأحداث، والاندماج مع المصالح الإسرائيلية في معظم الأحيان.