كان واضحاً منذ بداية عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة أن بنك أهداف العدو يشمل تدمير كل ما يمتّ إلى الرياضة الفلسطينية بصلة. لا يروق إسرائيل على الإطلاق مشهد يضجّ بالحياة لأطفال فلسطينيين يلهون بالكرة. هكذا، فقد استهدفتهم على شاطئ القطاع مزهقة أرواحاً بريئة لأربعة أطفال من عائلة واحدة، لتهزّ مشاهد أشلائهم العالم.
يغيظ إسرائيل أن ترى الرياضة الفلسطينية في تطور وازدهار، وهذا ما تأكد قبل فترة وجيزة عندما حقق المنتخب الفلسطيني لكرة القدم إنجازاً تاريخياً ببلوغه نهائيات كأس آسيا التي ستستضيفها ملاعب أوستراليا في 2015 بعد فوزه ببطولة كأس التحدي في جزر المالديف، لذا لم تتوانَ عن تدمير الملاعب والمقارّ الرياضية في عدوانها. حصل هذا مع ملاعب أندية الشمس والريان والنصيرات وشباب المغازي والتعاون واليرموك وبيت لاهيا، فضلاً عن استشهاد العديد من الرياضيين؛ بينهم لاعب نادي الزيتون، عبد الرحمن الزاملي، ولاعب خدمات جباليا، بشار أحمد، إضافة إلى الدولي السابق الشهير عاهد زقوت.
يُغضب إسرائيل أن تشاهد سكان غزة مثلهم مثل باقي الخلق مباريات المونديال، فأقدمت طائراتها على إلقاء حقدها في بداية العدوان على مقهى متواضع في خان يونس كان بداخله شبان يتابعون مباراة نصف نهائي كأس العالم في البرازيل بين الأرجنتين وهولندا، ولم تبقِ منه سوى لافتته شاهدة على فظاعة جريمتها.
هكذا اذاً، أمعنت إسرائيل تدميراً في القطاع الرياضي في غزة، لكن ما لم يكن هذا الكيان يتوقّعه هو أن ينقلب المشهد برمّته عليه هذه المرة.
نعم، ما لم تنتظره إسرائيل هو أن تفرض صواريخ المقاومة معادلة جديدة: استهداف الرياضيين وتدمير المقار والملاعب يقابله شلّ للنشاط الرياضي في الكيان مترافقاً مع خسائر وتكاليف مالية مرتفعة. ما لم يخله الإسرائيليون يوماً أن يد المقاوم على زر صاروخه هي التي تحدد ما إذا كانت هذه المباراة أو تلك ستُلعب أو لا حتى في قلب تل أبيب.
هكذا، ومنذ أسبوعين وحتى يوم أول من أمس، كانت الكلفة التي كبّدتها المقاومة الفلسطينية للرياضة الإسرائيلية باهظة الثمن. الحكاية بدأت من قرار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم إيقاف استضافة الأندية الإسرائيلية لمباريات في البطولات الأوروبية القارية بسبب «الوضع الأمني». بعد ذلك، ومع استمرار تهاطل صواريخ المقاومة على الكيان، جاءت الضربة الكبرى بقرار رابطة لاعبي كرة المضرب المحترفين إلغاء النسخة الأولى من بطولة تل أبيب للتنس، البالغ مجموع جوائزها مليون دولار، والتي كان يترقبها الكيان بفارغ الصبر. أما ختامها فكان مسكاً أول من أمس بوصول بريد من الاتحاد الدولي لكرة المضرب مفاده: لا مواجهة في تل أبيب أمام الأرجنتين في كأس ديفيس الشهيرة، ابحثوا عن مكان آخر للاستضافة.
ولّى إذاً الزمن الذي يكتفي فيه الفلسطينيون باستعراض خسائرهم في القطاع الرياضي عند نهاية كل عدوان. فقد أتى الوقت الذي تُحصي فيه الرياضة الإسرائيلية بدورها الخسائر وتعيش مرارة إحجام العالم الرياضي عن زيارتها بعدما تباهت في 2012 بتنظيمها بطولة أوروبا دون 21 عاماً.
غداً، سينفض أطفال غزة، كعادتهم، الغبار عن كراتهم ويعودون للّهو بها في أزقة قطاعهم وعلى رمل شاطئه. غداً، سيشاهدون منتخب فلسطين في أوستراليا وهو يواجه كبار الكرة في قارة آسيا. أما إسرائيل فستعيش، في الأثناء، الخيبة، فيما رياضتها ستبقى أسيرة صور رعبها.




الكرة الإسرائيلية معطلة

ليست المنافسات الرياضية الدولية هي وحدها التي أُلغي تنظيمها في الملاعب الإسرائيلية، بل إن الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم قرر تأجيل انطلاق البطولة المحلية للأسبوع الثاني على التوالي عن موعدها الأصلي.