غزة | للمرة الخامسة على التوالي، جدّدت محكمة سالم العسكرية اعتقالها لسامر علاوي، بعدما أوقفته في التاسع من الشهر الماضي على الحدود بين الأردن وفلسطين المحتلة. وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلية قد سمحت لمنظمة «أطباء من أجل حقوق الإنسان» بزيارة الإعلامي الفلسطيني في مقرّ اعتقاله في مركز تحقيق الجلمة في مدينة حيفا المحتلة، والاطلاع على وضعه الصحي، في ظل معاناته من مرضَي الربو والسكريّ المزمِنَين.
وحتى الساعة، لم تثبت المحكمة الإسرائيلية على تهمة محدّدة توجّهها إلى مدير مكتب «الجزيرة» في أفغانستان. في البداية، قيل له إن اعتقاله «أمني»، ثمّ اتُّهم «بارتباطه بقياديين عسكريين في «حركة حماس»». وهذه الحجة الأخيرة تعد تهمة شبه جاهزة عند الاحتلال الإسرائيلي في كل مرة أراد فيها اعتقال الفلسطينيين، وخصوصاً الإعلاميين منهم. أما التهمة الجديدة، فهي أن سامر علاوي «يمثّل خطراً على أمن إسرائيل والمنطقة»، كما ورد في تقرير وُصف بالـ«سِرّي» وفق ما نقلت بعض الصحف الفلسطينية وموقع «عرب 48».
لكن يبدو أن هذه التهمة لم تقنع حتى قاضي المحكمة، فطلب أدلّة واضحة تثبت أن سلوك علاوي وعلاقاته لا يرتبطان بعمله المهني. وفي إنتظار اتضاح الأسباب الحقيقية لهذا الاتهام، قالت النيابة العسكرية الإسرائيلية «إنّها لم تبلور بعد موقفها من تقديم لائحة اتهام ضد علاوي». وانطلاقاً من هذا التصريح، استنتح سليم واكيم محامي الدفاع الذي عيّنته «شبكة الجزيرة» وعائلة علاوي «عدم وجود معلومات جديدة تدين سامر نهائياً»، واصفاً التهمة بالفضفاضة، وأنّ المشكلة تكمن في أنّ «سامر يقف أمام سلطات إسرائيلية لا يعجبها عمله، أو تعاونه مع «الجزيرة»، لذلك فهم ينسبون إليه تهمة من دون أي معطيات».
وكان مصعب علاوي، شقيق سامر، قد عبّر عن قلق العائلة على ابنها طيلة فترة عمله في جنوب آسيا: «كنا دائماً متخوفين من طبيعة عمله الشاقة التي تفرض عليه التنقل بين ثلاثة أماكن هي كابول (مكان عمله) وباكستان (مكان إقامته) وموطن عائلته في فلسطين». إلا أن مصعب علاوي يعود ليؤكد أن لا وجود لأي أدلة إسرائيلية تدين شقيقه. إلا أنه لا يخفي تخوفه من عملية اعتقال إدارية تنفذها سلطات الاحتلال بحق أخيه إلى أجل غير مسمّى. وإن كان علاوي يعبّر عن شكره واطمئنانه إلى موقف قناة «الجزيرة»، غير أنه يعود لينتقد باقي القنوات العربية لأنها لم تهتمّ بقضية اعتقال شقيقه. مما ينطبق أيضاً على المنظمات التي تعنى بحرية الإعلام في العالم التي تجاهلت الموضوع، ولم تضغط على السلطات الإسرائيلية للإفراج عن سامر. ومع ذلك، يقول إنّ أمله الوحيد للإفراج عن شقيقه يتمثّل في تضامن باقي زملائه معه، وكتابتهم عن موضوع اعتقاله لأن ذلك «قد يتكرّر معهم، وسيحتاجون ساعتها إلى من يكتب عنهم وينقل معاناتهم». وهو بالفعل ما حصل مع لائحة طويلة من الصحافيين الفلسطينيين، من بينهم منسّق البرامج في فضائية «القدس» نواف العامر، الذي اعتقل في حزيران (يونيو) الماضي بعد مداهمة منزله وتفتيشه بطريقة استفزازية، ثمّ حكم عليه بالسجن خمسة أشهر. كذلك الأمر بالنسبة إلى مراسل «وكالة شهاب»، عامر أبو عرفة، الذي حكم عليه مطلع الشهر الحالي بالسجن ستة أشهر، إلى جانب الصحافي محمد بشارات. وكانت نقابة الصحافيين الفلسطينيين قد طالبت بممارسة ضغط رسمي ودولي للإفراج عن سامر علاوي مع باقي الصحافيين المعتقلين. أما «مركز الدوحة لحرية الإعلام»، فسبق أن نظّم اعتصاماً أمام مقر «الأمم المتحدة» في غزة السبت لمطالبة الاحتلال بالإفراج عن علاوي. وشارك في الاعتصام أكثر من 150 من الصحافيين وممثلي المنظمات الحقوقية. وقد تحدّث يومها في الاعتصام مدير مكتب الفضائية القطرية في غزة وائل الدحدوح، مطالباً الأمم المتحدة بـ«الضغط على إسرائيل للإفراج الفوري عن علاوي»، محملاً السلطات الإسرائيلية «المسؤولية الكاملة عن هذا الاعتقال التعسفي، وعن سلامة زميلنا المعتقل».
أما نائب رئيس «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان» حمدي شقورة، فقال «لا ثقة لنا بالقضاء الإسرائيلي، بما في ذلك القضاء العسكري، فهو ليس مستقلاً بل جزء من جريمة الحرب ضد الشعب الفلسطيني».