عندما صدر قانون تثبيت المياومين في ملاك مؤسسة كهرباء لبنان في الأول من نيسان الماضي، كان المياوم السابق قاسم فرحات (42 سنة) ابن بلدة برعشيت، في قضاء بنت جبيل، لا يزال في منزله الذي لم يكتمل بناؤه بعد، يحلم بأي تعويض مالي يمكّنه من إجراء عمليات جراحية عدّة يحتاج إليها لمعالجة إصابات بالغة تعرّض لها في رأسه ويديه ورجليه.
في عام 2008 تعرّض قاسم لصعقة كهربائية أدت إلى وقوعه عن عمود الكهرباء. كان يقوم بوظيفته مياوماً في مؤسسة كهرباء لبنان، وكان مطلوباً منه تصليح الأعطال الكهربائية في المنطقة. فقد فرحات بسبب هذا الحادث أصابع يده اليمنى، وهو اليوم لا يزال يعاني آلاماً حادة في الرأس واليدين، ما جعله عاطلاً من العمل بعد أن «استغنت مؤسسة كهرباء لبنان عن خدماته، رغم أنه متزوج وله ولدان، وعليه وحده تقع مسؤولية إعالة أسرته». يومها أجرى قاسم عمليتين جراحيتين على نفقته الشخصية، اضطر إلى استدانة مبلغ 5000 آلاف دولار، باعتبار أن المؤسسة لا توفّر الضمان الصحي للمياومين. أصبح بعد ذلك عاطلاً من العمل، رغم أنه يستطيع القيام بخدمات متنوعة لمصلحة مؤسسة الكهرباء، تأخذ بالاعتبار وضعه الصحي.

أبلغه رئيس مصلحة
جويا بالاستغناء عن خدماته بعد إصابته

يقول قاسم إنه «بعد عودته من المستشفى إلى المنزل، قرّر مراجعة رئيس المصلحة التابع لها في بلدة جويا (قضاء صور)، الذي قال له إن المؤسسة استغنت عن خدماته لأنه بات غير قادر على العمل». يومها، «أصيب فرحات بصدمة ثانية، فالدولة لم ترحمه مثل الكهرباء نفسها التي عمل على إصلاح أعطالها منذ كان صبياً في الرابعة عشرة من عمره». كان والده (أبو قاسم) موظفاً في المؤسسة يستعين به لمساعدته على تصليح الأعطال الكهربائية المتعددة، ولا سيما بعد أصابة الوالد (أيضاً) في عام 1988 بصدمة كهربائية مماثلة أدّت إلى تعرضه لكسور مختلفة في يديه ورجليه، إضافة إلى إصابته بأمراض متعددة، منها داء السكري الذي أفقده بصره في ما بعد، وتوفي لاحقاً بعد استفحال المرض.
كان أبو قاسم يضطر إلى تصليح الأعطال القريبة من المواقع الإسرائيلية بمساعدة ولده، ويحصل على تعويض مالي بسيط، جعل أفراد أسرته المؤلفة من 6 أفراد يعانون مشكلات مالية كبيرة. في هذا الوقت، كان على قاسم أن يكمل درب والده في خدمة مؤسسة كهرباء لبنان، إلى أن عيّن «مياوماً» في عام 1998 وتعرض بعد عامين لإصابته الحالية. يتساءل قاسم عن حقوقه وواجبات المؤسسة (والدولة) تجاهه، يقول: «لم أحصل على أي تعويض مالي، فصلوني عن العمل لمجرد الإصابة، ودون أي محضر أو تبليغ قانوني، بل فقط اكتفى رئيس المصلحة بتبليغي شفهياً بضرورة ترك العمل. أما اليوم، وبعد صدور قانون تثبيت المياومين، فلم يحسبوا حسابي أيضاً، رغم أنني ما زلت أصلح للعمل في الإدارة أو الجباية أو كفني كهربائي. لدي من الخبرة ما يكفي، لكن يبدو أن القانون ظالم أيضاً.