يمكن تقسيم سوق الفضائيات المصرية الخاصة إلى ثلاث فئات رئيسية: الفئة الأولى تضم قناة وحيدة هي «أم. بي. سي. مصر» التي تصنَّف بأنها غير مصرية من حيث رأس المال. وذلك ليس بسبب الجنسية وإنما لأنها تنتمي إلى منظومة إعلامية ضخمة (أي MBC) تستطيع أن تنفق على الشاشة الأحدث كمّاً كبيراً من المال، من دون انتظار الربح السريع، ما يؤكد سياسة القناة منذ تولي محمد عبد المتعال مسؤوليتها قبل عام تقريباً.

إذ واصلت استقطاب نجوم القنوات الأخرى، وخصوصاً «الحياة»، وأطلقت برامج منوعات صرفت عليها ببذخ، وعرضت مسلسلات حصرية خلال رمضان وغير ذلك.
أما الفئة الثانية، فتضم «الحياة» و«النهار»، و«سي. بي. سي.». قنوات يتمتع أصحابها بالخبرة ورأس المال والانتشار الجماهيري، ما يجعلها قادرة على الصمود.
ولهذا تشهد كل فترة عملية إعادة تقويم، سواء بالنسبة إلى المعروض على شاشتها أو لما هو مخطط لإطلاقه من شاشات جديدة، علماً بأنّه تم تجميد معظم الأفكار الرامية إلى إطلاق قنوات أكثر تخصصاً لغاية استقرار الأوضاع الاقتصادية، مع مراجعة كل البرامج الحالية أولاً بأول، وخصوصاً في شبكة «سي. بي. سي.».
الأخيرة تفكر إدارتها حالياً في تصفية قناة «سي. بي. سي. 2»، ونقل برامجها الرئيسية إلى باقي الشاشات. وقد بدأت فعلاً مع برنامجي «معكم» لمنى الشاذلي (الصورة)، و«صاحبة السعادة» لإسعاد يونس، مع توجّه إلى إيقاف برنامج «أنت حر» لمدحت العدل.
كذلك أوقفَ برنامج «3 أيام» لانجي أنور على قناة «سي. بي. سي. اكسترا» التي انتقل إليها أخيراً مجدي الجلاد ببرنامجه «لازم نفهم». في المقابل، تعاقدت شبكة «الحياة» مع أحمد المسلماني المستشار الإعلامي للرئيس السابق عدلي منصور. وقد بدأ بالفعل تقديم برنامج يومي بعنوان «هنا القاهرة».
التغييرات المستمرة للصمود مادياً تميز الفئة الثانية من قنوات السوق المصري عن الفئة الثالثة التي توصف بفئة أصحاب الأزمة.
تضم هذه الفئة باقي القنوات الخاصة في مصر، وكلها من دون استثناء يعاني من أزمة انخفاض المدخول الإعلاني وتضخم المصاريف التي تذهب نسبة كبيرة منها إلى برامج يتم إنتاجها إما لأهداف سياسية أو مجاملة لمقدمي تلك البرامج وجلّهم
صحافيون.
متوسط مصاريف التشغيل الشهرية لهذه القنوات يراوح من 4 إلى 5 ملايين جنيه (600 ألف دولار على الأقل) ويرتفع الرقم إلى الضعف أحياناً إذا كانت القناة محتوى منوعاً بين برامج ومواد ترفيهية أخرى.
لكن المدخول الإعلاني لا يزيد حالياً عن مليوني جنيه (أقل من 300 ألف دولار)، ما يجعل تلك القنوات في حالة يرثى لها. وتتكرّر حالياً أزمات تأخير صرف الرواتب حتى لمقدّمي البرامج. ويلوّح العاملون في هذه القنوات بالإضراب كل فترة، وسط توقعات بأن تؤدي الأزمة إلى إغلاق بعض القنوات أو الاكتفاء ببث مواد مسجلة، وخصوصاً مع إحجام المستثمرين عن دخول هذه السوق في ظل تمسك أصحاب القنوات بعدم التفريط بالسياسة التحريرية السارية التي تحقق مصالحهم الشخصية أولاً. سياسة بعيدة كل البعد عن المهنية. والمفارقة أنّ المهنية ـــ لو اعتمدت ـــ ستقي من الكثير من الخسائر المادية، لكن لا أحد يلتزم بها في سوق الفضائيات المصرية.