قررت «هيئة التنسيق النقابية»، أول من أمس، اللجوء الى القضاء لإسقاط قرار منح الإفادات. واعلنت انها اوكلت الى الوزير السابق زياد بارود، بصفته محامي نقابة المعلمين في المدارس الخاصة، مهمّة اعداد المراجعة المطلوبة وتقديمها الى القضاء المختص. وبحسب اوساط الهيئة، فإن اللجوء الى القضاء دفاعا عن الشهادة الرسمية ينمّ عن اصرار «الهيئة» على مواصلة عملها النقابي، وتعرية مخالفات القوى السياسية للقوانين وإمعانها في انتهاكها.
«في المبدأ العام، يمكن إسقاط القرار لما يسببه من ضرر فادح لمستقبل الكثير من الطلاب من جهة، ولمستقبل الشهادة الرسمية من جهة أخرى». هذا ما يقوله المحامي ماجد فياض، حيال إمكانية إسقاط قرار منح الإفادات عبر القضاء، لافتًا الى أن الطعن يجري أمام مجلس شورى الدولة باعتباره قرارا إداريًا.
يشير المحامي فياض الى ان المتقدمّين بالطعن عليهم أن يُثبتوا أن هناك تجاوزًا أو انتهاكًا للقوانين وللأنظمة الإدارية المعمول بها في الدعوة المقّدمة. وهذا امر سهل، بحسب محامين آخرين استطلعت «الأخبار» آراءهم، اذ ان وزير التربية نفسه ومجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب ولجنة التربية النيابية...

يحق للطلاب
الذين خضعوا للامتحانات الرسمية أن يقدّموا الطعن

اجمعوا على ان استبدال الشهادات الرسمية بالافادات يحتاج الى «قوننة»، اي إن اصدار الافادات عمل غير قانوني او مخالف للقانون، وبالتالي لا يمكن ان تصبح «الافادة» قانونية الا بتعديل القانون، او باصدار قانون استثنائي ينظم اصدارها ويعلله. وطالما ان هذا القانون لم يصدر فان «الافادة» تبقى غير قانونية، ويمكن الطعن بها او طلب توقيف تنفيذها بعد اثبات الضرر او المصلحة.
يقول الوزير السابق زياد بارود إنه في صدد «دراسة حيثيات القضية ويحتاج الى بعض الوقت لإعداد الملف». ويلفت بعض القانونيين إلى وجود «الكثير من الثغر المترتبة على القرار يمكن أن تعتمد عليها الجهة المدعية للطعن في القرار». ذلك أن هناك العديد من الإشكاليات الناجمة عن منح الإفادات، بدءا من إثبات «الظروف الاستثنائية»، أو «القوة القاهرة»، التي أدت الى «استحالة» تصحيح المسابقات، مرورًا بإشكالية الإخلال بمبدأ المساواة أمام الوظيفة العامة، وصولا الى إشكالية الانتساب الى بعض نقابات المهن الحرة التي تفرض توافر الشهادة الثانوية العامة. (راجع عدد الأخبار 19 آب 2014 عدد 3371).
بحسب اراء البعض، فان هيئة التنسيق النقابية قد لا تكون الجهة المدعية نظرا الى انها ليست «موجودة في نظر القانون، بل موجودة كامر واقع»، وهذه نقطة مهمّة، باعتبار ان الدولة اللبنانية لا تزال تنتهك حرية التنظيم النقابي في ادارات الدولة وتمنع الموظفين العامين من انشاء النقابات، من هنا لا تكون «الهيئة» الجهة التي ستقدم الدعوى (على الرغم من توافر المصلحة والصفة القانونية للروابط ضمنها)، بل نقابة المعلمين في القطاع الخاص. ولكن المحامي فيّاض يلفت الى أنه يحق لأي طالب من الطلاب الذين خضعوا للامتحان في هذه الدورة أن يتقدم للطعن بالقرار بعد اتباع الأساليب القانونية اللازمة إداريًا: «كل طالب يشعر بأن هناك ضررا لحق به من جرّاء هذا القرار بسبب المساواة أو المنافسة غير المشروعة مع بقية الطلاب» يمكن أن يرى مجلس شورى الدولة أنه تتوافر فيه الصفة والمصلحة، وبالتالي يحق له أن يكون جهة مدّعية تطالب بإسقاط القرار.
«تبقى مسألة تحديد الصفة والمصلحة منوطة بمجلس الشورى وحده»، يقول فياض، موضحا أن هناك اجتهادات قانونية متعددة يمكن أن ترى أنه يحق أيضا للطلاب الذين خضعوا للامتحانات الرسمية على نحو عام (لا هذه الدورة فقط) أن يقدّموا الطعن باعتبار أن تزايد عدد الطلاب في الجامعات من شأنه أن يؤثر سلبًا فيهم أو من جهة اعتبارهم أن هناك منافسة غير مشروعة مع أشخاص سُلّحوا بشهادات لا يستحقونها. «على المتضرر من هذا القرار أن يشرح ماهية ضرره ويحددها»، يقول أحد المستشارين الحقوقيين، الذي يلفت الى إمكانية استناد الجهة المدعية إلى القانون العام، بما فيها قانون التعليم العالي، الذي ينص على كيفية إعطاء الشهادات، وبالتالي «فإن القانون لا يُعدّل إلا بقانون». وإذا تحوّل القرار الى قانون صادر عن مجلس النواب «فلن يعود بالإمكان إبطال القانون أو الطعن به، لأن القرار بات محصّنا قانونيا أمام مجلس شورى الدولة»، يستطرد فياض: «حينها تستطيع الجهة المدعية أن تطعن بدستورية هذا القانون أمام المجلس الدستوري، إذا ما توافرت الأسباب الموجبة للطعن».
إذًا، في ظل انعدام قوننة الإفادات، فضلا عن غياب مرسوم صادر عن مجلس الوزراء يمكّن وزير التربية من إصدار قرار كهذا، يغدو قرار منح الإفادات، وعلى الرغم من اعتباره قرارا اداريا، بمثابة موقف «شفهي» تشوبه الكثير من الإشكالات القانونية، لكنه محاط بكثير من الدعم السياسي «الغشيم»! فهل يُسقطه مجلس الشورى؟