«لم يشهد مطار بيروت الدولي أزمة ازدحام كالتي نراها اليوم». تعليق أحد المتابعين لحركة المطار لم يأت في سياق الحديث عن ضغط غير مسبوق في السيّاح والمغتربين، بل جاء في إطار الكشف عن حجم الفوضى المستشرية في المطار، التي أجبرت المسافرين على الانتظار في صفوف طويلة على مداخل المطار ونقاط التفتيش والتسجيل قبل أن يضطر عدد كبير منهم إلى التخلّي عن رحلاته. لن يعوّض أحد على هؤلاء المسافرين، وكلفة التذاكر ذهبت في أدراج الفوضى.
أمس، أمضى عدد من المسافرين ساعات تحت رحمة الازدحام وانتهى الأمر بتخلّيهم عن رحلاتهم وتأجيلها إلى يوم آخر بعد اتلاف تذاكر السفر المدفوعة سلفاً. ليست كلفة تذكرة السفر هي وحدها التي سددها هؤلاء المسافرون، فعلى سبيل المثال، دفع أحدهم سعر التذكرة إلى كندا 1800 دولار، ولم يجد حجوزات على شركات الطيران قبل 10 أيلول، أي إنه تكبد كلفة الانتظار فترة تبلغ 30 يوماً.
إزاء هذا الوضع، لم تجد رئاسة مطار بيروت سوى أن تصدر بياناً تطلب فيه من «جميع الركاب المسافرين عبر المطار الحضور قبل 3 ساعات على الأقل من موعد سفرهم وإقلاع الطائرة، تسهيلاً لسفرهم ومنعاً للتسبب بأي تأخير نتيجة هذا الازدحام».
بيان رئاسة المطار يحاول أن يستدرك ما حصل على أرضه، موحياً بأن مصدر المشكلة هم المسافرون أنفسهم، ويترك المجال مفتوحاً أمام الاستنتاجات. وبحسب ما اطلعت عليه «الأخبار» من إدارة المطار، فإن «إجراءات وتدابير ستُتخذ لتدارك ما حصل أمس، وذلك برغم أنه ازدحام عادي يصيب المطار في كل شهر آب، الذي يأتي فيه إلى لبنان أكثر من 25 ألف راكب يومياً».
تبريرات المطار لا تجد صدى واسعا لها بين عاملين في المطار. فبعض هؤلاء يشير إلى أن ادعاءات المطار فيها مبالغة، ولا سيما لجهة حجم الاستيعاب، «فمطار بيروت الدولي يعاني فوضى كبيرة حالياً، إذ إنه مصمَّم ليستوعب أكثر من 50 ألف راكب خلال 24 ساعة، على أن يكون معدل عدد الركاب في كل ساعة 2100 راكب، أي 21 طائرة محجوزة بـ100 راكب، ولكنه يزدحم مع 25 الف راكب يومياً. طبعاً يختلف الأمر عندما يأتي عدد كبير من الطائرات في فترة زمنية محصورة، وبالتالي يجب تنظيم الأمور على مداخل المطار ومخارجه ابتداء بنقاط التفتيش الأولية، مروراً بنقاط التسجيل وترك الامتعة، وصولاً إلى تسجيل الدخول والخروج لدى الأمن العام، ونقاط التفتيش النهائية قبل الصعود إلى الطائرة».
هذا المسار تتخلله مجموعة من الأطراف المعنية، مثل الأمن العام وشركات الطيران وقوى الأمن الداخلي... فضلاً عن أن هناك الكثير من آلات التفتيش والأجهزة التي يستخدمها العاملون في المطار والأجهزة الأمنية. وبالتالي فإن وجود الموارد البشرية أمر ضروري لتخفيف الضغط عن المسار، وأن تكون الخدمات الأرضية منسجمة مع وتيرة الدخول والخروج.