لا يزال ملفّ التمديد للمجلس النيابي هو الشغل الشاغل للقوى السياسية. وعدا عن تقدّم عشرة نوّاب من تكتل التغيير والإصلاح باقتراح قانون «يهدف إلى تعديل دستوري من أجل انتخاب رئيس للجمهورية مباشرة من الشعب»، لم يخرق الجمود السياسي أمس أي حدث يذكر.وبعيداً عن تمسّك القوى بمواقفها، كتيار المستقبل الذي يصرّ على التمديد والرئيس نبيه برّي الذي يعارضه، تشير غالبية المصادر في القوى السياسية المختلفة إلى أن الموعد المتوقّع لإجراء التمديد هو شهر أيلول المقبل، ليبقى الاتفاق على بعض النقاط، كالمدة الزمنية، في ظلّ غياب أي حل آخر.
ويخوض تيار المستقبل حواراً مع حلفائه، عبر الرئيس فؤاد السنيورة ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري، لإقناع حزبي الكتائب والقوات اللبنانية بالقبول بالتمديد، اللذين يعارضان التمديد بحسب مصادر وسطية «من باب المزايدة على التيار الوطني الحر».

وعلى ما تقول المصادر، فإن «أجواء الحوار المستقبلي ــ القواتي تبدو سلبية حتى الآن»، في الوقت الذي «تبدو فيه الأمور أهون عند الكتائب، والرئيس أمين الجميّل أظهر ليونة في هذا الموضوع».
من جهته، وعلى الرغم من تكراره رفض التمديد، يترك برّي هامشاً للمناورة، إذ يتردّد أن رئيس المجلس يشترط أن يعود المجلس النيابي إلى العمل التشريعي لقبول التمديد. وفي هذا الإطار، أبدى السنيورة استعداد تيار المستقبل للمشاركة في أي جلسة نيابية على جدول أعمالها بنود متفق عليها، كاليوروبوند. غير أن بري وعد هيئة التنسيق بأن تكون السلسلة أول بند يطرح على التصويت.

الحريري يعود خلال أسبوعين

في سياق آخر، رجّحت مصادر متابعة أن يعود الحريري إلى لبنان في مهلة أقصاها أسبوعين، بعد أن غادر إلى السعودية الأسبوع الماضي. وأشارت المصادر إلى أن مغادرة الحريري إلى السعودية سببها إنهاء بعض الأعمال هناك.

أجواء الحوار
المستقبلي ــ القواتي تبدو سلبية حتى الآن


وفي ما خصّ الملفّ الرئاسي، وتحديداً العلاقة بين الحريري والنائب ميشال عون، أوفد الحريري خلال زيارته الأخيرة النائب السابق غطاس الخوري إلى الرابية. وعلمت «الأخبار» من مصادر سياسية مطلعة على ملف العلاقة بين الحريري وعون أن «الحريري فور عودته سيتولى شخصياً إبلاغ عون أن حظوظه في الوصول إلى الرئاسة متدنية». ورجحت المصادر أن النقاش حول الانتخابات الرئاسية سيفتح جدياً في شهر أيلول، ولكن ذلك لا يعني اقتراب انتهاء الأزمة. وعلقت المصادر على ما سمّته «تصعيد التيار الوطني الحر في اليومين الماضيين»، بالإشارة إلى أن السبب هو «وصول إشارات سلبية إلى عون، أن طريقه إلى بعبدا مسدود». وحول الموقف السعودي والحديث عن انعكاس التسويات الإقليمية على الملفّ اللبناني، خصوصاً الملف العراقي، أشارت المصادر إلى أن «فريق جنبلاط سمع من السعوديين أخيراً أن المملكة توافق على أي صيغة يتفق عليها مع تيار المستقبل، وأن التسويات في المنطقة لن تنعكس على لبنان، ولا إمكانية لوصول أي من المرشحين الأربعة».

جنبلاط لن يزور الرابية مجدداً

من جهته، يتابع النائب وليد جنبلاط حراكه السياسي، لا سيما زيارته الأقطاب اللبنانيين، بعد زيارته رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية قبل أيام. وأشارت مصادر إلى أن «اللقاء كان صريحاً»، مؤكّدة أن «لا صحة لنية جنبلاط زيارة الرابية مرة ثانية قريباً، فاللقاء الأخير كان الأفضل بين الرجلين، وتحدث عون للمرة الأولى عن هواجسه واهتمامه بمسيحيي الجبل، عارضاً التعاون بين الحزبين حول هذا الموضوع». وأشارت المصادر إلى أن «الزيارة المقبلة هي للجميّل خلال الأسبوعين المقبلين، وبعدها زيارة معراب». وأكدت المصادر أن «هذه اللقاءات ليست بالتنسيق مع أحد، ولكن الرئيس بري في صورتها».

مبادرة التيار الوطني الحر

من جهة ثانية، يتحفظ نواب تكتل التغيير والإصلاح على تفاصيل الاقتراح الذي تقدم به 10 نواب من التكتل، لقانون يهدف إلى تعديل دستوري من أجل انتخاب رئيس للجمهورية مباشرة من الشعب. وتقول مصادر التكتل لـ«الأخبار»: «اتفقنا على ألا نفصح عن شيء قبل المؤتمر الذي سيعقده النائب إبراهيم كنعان غداً (اليوم) في مجلس النواب، يشرح خلاله آلية العمل للاقتراح». وعلمت «الأخبار» أن التعديل يتعلق بالمادة 49 من الدستور «لجهة انتخاب رئيس بالاقتراع الشعبي المباشر على دورتين. في الدورة الأولى يختار المسيحيون اسمين. أما الدورة الثانية فيشارك فيها المسلمون والمسيحيون، وينتخبون أحد المرشحين»، على أن يُصار إلى «إلغاء المواد 73، 74، 75 من الدستور». وسيتحدث كنعان اليوم عن «وضع آلية زمنية من أجل تحديد موعد الدورتين، على أن تتم المرحلتان قبل انتهاء الولاية الرئاسية منعاً للفراغ والشغور»، إضافة إلى أن ولاية رئيس الجمهورية ستبقى «ست سنوات غير قابلة للاختصار أو التمديد». ويوضح المصدر أن الأسباب الموجبة لهذا الطرح هي «تحسين تمثيل الموقع الأول في الجمهورية اللبنانية وتحريره من التجاذبات والارتهانات الداخلية والخارجية». اقتراح التيار الوطني الحر ليس بجديد، يقول أحد النواب، «ولكن الخطوة المهمة التي قمنا بها حالياً هي تقديمه». ولكن، لا يمكن مناقشة أي اقتراح قانون إذا لم يكن هناك عقد عادي لمجلس النواب. وحالياً، المجلس في عقد استثنائي، وبالتالي ينبغي على التكتل الانتظار حتى أول ثلاثاء بعد 15 تشرين الأول حتى يُطرح اقتراحهم. ويوضح المصدر أن طرحه في هذا التوقيت يهدف إلى «ترجمة مبادرة الإنقاذ التي طرحناها، وحتى لا يقال إننا نناور... نريد إيصال رسالة إلى الشعب ليفهمها جيداً، ويتأكد أنها ليست وسيلة للتعطيل». يعرف التيار جيداً أن طرحه مرفوض من معظم الأطراف السياسية، و«لا ندّعي أن التعديل سيبتّ، ولكن يجب أن نكون واضحين ونقول ماذا نريد»، يقول النائب.
من جهته، قال كنعان لـ«الأخبار» إن الاقتراح «يتعلق بتنظيم آلية انتخاب رئيس الجمهورية، ولا علاقة له بالطائف ولا بالمناصفة، ولا بأي شيء آخر». وأشار كنعان إلى أن «المادة 49 عدّلت أكثر من ثلاث مرات، وفي كلّ مرة كانت التعديل سلبياً، هي المرة الأولى التي يتم اقتراح تعديلها باتجاه إيجابي، تحقيق تداول سلطة وانتخاب الرئيس من الأصيل، أي من الشعب، لأن المجلس النيابي على وضعه الحالي، وربما من 1943، لا يؤمن التمثيل الصحيح».