القاهرة | غيّب الموت أمس، المحامي والحقوقي المصري أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح حمد، مؤسس «مركز هشام مبارك للقانون» عام 1999، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان سابقاً، وذلك بعد معاناة مع مرض القلب، دخل على أثرها غرفة العناية المركزة منذ أسابيع في «مستشفى القصر العيني» في القاهرة. وسيف هو رب عائلة مهتمة بالشأن العام، وعانت بطش الأنظمة التي مرت على البلاد. تعد زوجته الدكتور ليلى سويف، المحاضرة في «جامعة القاهرة»، واحدة من المؤسسين لـ «حركة 9 مارس» المدافعة عن استقلال الجامعات، وكانت أيضاً من ضمن المؤسسين لـ«حركة كفاية».

أما ابنه الأكبر، علاء عبد الفتاح، فهو واحد من المعارضين لنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكذلك الأنظمة التي حكمت من بعده، وهو اليوم مسجون بتهمة الدعوة إلى «تظاهرات مجلس الشورى» في تشرين الثاني 2013، وحكم عليه بالسجن 15 عاماً في تلك القضية، قبل أن يُنقض الحكم فيها، فيما ابنته الصغرى سناء مسجونة حالياً هي الأخرى على ذمة قضية «خرق قانون التظاهر» أيضاً، وأُلقي القبض عليها خلال تظاهرة أمام «قصر الاتحادية» حين كانت تطالب مع آخرين بالإفراج عن معتقلين.
بدورها، تعدّ ابنته الوسطى منى سيف من المؤسسين لـ «مجموعة لا للمحاكمات العسكرية»، وهي أكثر الحركات المعارضة لمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري.
وصدق سيف عندما قال معلقاً على القبض على أبنائه «لم نورث أبناءنا سوى السجون والزنازين»، فالرجل صاحب تاريخ طويل في معارضة الأنظمة التي مرت على البلاد، منذ أن كان فاعلاً في الحركة الطالبية المصرية في سبعينيات القرن الماضي، التي كانت تطالب الرئيس الأسبق أنور السادات بالبدء بحرب مع كيان العدو وتحرير سيناء، واعتُقل عام 1972 بعد القبض عليه في تظاهرات مناهضة للسادات، ولم يطل اعتقاله سوى يومين، بينما استمر اعتقاله ثمانية أشهر عام 1973 عقب مشاركته في الاحتجاجات على خطاب للسادات وتأخُر اتخاذ قرار الحرب. وأفرج عن سيف مع زملائه قبل «حرب أكتوبر» بأيام.
اعتقل سيف مرة أخرى عام 1983، وكانت أطول فترات اعتقاله بعدما قضى خمسة أعوام في «سجن القلعة» بتهمة الانتماء إلى «تنظيم شيوعي مسلح»، القضية المعروفة باسم «المطرقة». وتعرض سيف أثناء تلك الفترة للتعذيب وكسرت قدمه وذراعه، وتقدم وقتها ببلاغ للتحقيق في تلك الواقعة، ولم يحقق أحد فيه. ويؤكد سيف أن تلك هي المرة الوحيدة التي تعرض فيها للتعذيب أثناء اعتقاله، فيما حصل خلال تلك الفترة على إجازة في الحقوق من «جامعة القاهرة»، فضلاً عن كونه حاصلا على البكالوريوس من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في الجامعة ذاتها عام 1977. وكانت المرة الأخيرة التي اعتقل فيها سيف خلال الأيام الاولى لـ «ثورة 25 يناير» عام 2011، بعدما اقتحمت قوات الأمن «مركز هشام مبارك» وقبضت على من كانوا فيه، ومن بينهم سيف، فيما أُفرج عنهم بعد يومين من الاعتقال.
خلاصة حياة النضال كانت في بزوغ أفكار ارتفعت عن كل الأيديولوجيات، بل وكان سيف واحداً من الذين يتجمع عندهم كل المختلفين في الرأي. كان سيف أيضاً مطالباً بحق الجميع في الحياة بعيداً عن الانتماء السياسي، ومشهور عنه قوله «وبعده من الممكن أن نتحدث في أي أمر آخر، لكن الأهم أن يؤمن كل طرف بحق الطرف الآخر في الحياة».