«صوفة» جبران باسيل «حمرا». لم يكن ينقص وزير الخارجية، بعد الانتقادات التي وجّهت إليه منذ حلّ في قصر بسترس، إلا أن يقرأ بيان تكتل التغيير والإصلاح إثر اجتماعه الأسبوع الماضي، والذي تضمّن عبارة «لكم صحراؤكم ولنا جبالنا»، خصوصاً أنه أعقب ذلك بزيارة «ذات طابع مسيحي» الى العراق، بدا فيها «كوزير خارجية للمسيحيين» على ما يقول منتقدون كثر، يخشون من انعكاس المدّ الداعشي في المنطقة انغلاقاً في صفوف مسيحيي المشرق، وخصوصاً لبنان.
«انا مسيحي كتير، بس مش بالوزارة»، يقول باسيل لـ«الأخبار». ويضيف: «تزداد مسيحيتي بسبب الاضطهاد الذي يتعرّض له المسيحيون في المنطقة، تماماً كما تزيد لدى الشيعي شيعيته ولدى الدرزي درزيته ولدى الايزيدي ايزيديته»، متحدياً أحداً ان يقدم دليلاً على «مناقلة أو ترفيع أو قرار اتخذته على أساس طائفي». أما «معادلة الصحراء والجبال» فكانت «واضحة»: «قلت من دون دورنا السياسي لا وجود لنا، ومن دون وجودنا في لبنان سيكون لكم صحراؤكم وتكون لنا جبالنا الموزعة في العالم، من دون طعمكم ومن دون طعم لنا، بما يعني أن لا غنى لأحدنا عن الآخر».
وعن الملابسات التي سادت «مؤتمر الطاقة الاغترابية» الذي رعى باسيل تنظيمه في حزيران الماضي والاتهامات التي وجهت اليه بإلباس المؤتمر لبوساً طائفياً، سأل: «إذا تكلمت عن تعزيز وجودي لماذا على الآخر أن يعتبر الأمر موجّهاً ضده؟». وأكد أن الدعوات الى المؤتمر وُجهت «بناءً على معايير معينة أرسلناها الى قنصلياتنا في الخارج. وحتى في توزيع الأوسمة على المدعوين اعتمدنا معيار أن يكون حائز الوسام وزيراً أو نائباً أو محافظاً حالياً في بلدان الاغتراب. إذا كان أكثر هؤلاء مسيحيين فهل أُتهم بأنني طائفي؟»، لافتاً الى «أنني تعرضت يومها لحملة معاكسة ضغطت على بعض المغتربين المسلمين لعدم الحضور».
ينشغل وزير الخارجية حالياً في متابعة الكتاب الذي أرسله الى المحكمة الجنائية الدولية في شأن العدوان الاسرائيلي على غزة والاعتداء على المسيحيين في الموصل، والكتاب الجوابي الذي تلقاه من المدعية العامة للمحكمة باتو بن سودا الخميس الماضي. يؤكّد باسيل أن جواب المدعية التي «أبلغتنا انها صاحبة الاختصاص، خصوصاً في موضوع الموصل»، يعدّ «سابقة». إذ إنها «المرة الأولى التي تقدم دولة غير عضو (لبنان) في المحكمة الجنائية طلباً الى المحكمة يتعلق بأحداث تدور على أرض دولة أخرى غير عضو (العراق) في المحكمة أيضاً». وأوضح: «كوننا دولة غير عضو، اعتمدنا في الطلب الذي رفعناه على إقرار كثير من الدول الموقعة على اتفاقية المحكمة بوجود مقاتلين من مواطنيها يرتكبون جرائم موصوفة ضد الانسانية، ما يعطيها الحق في التحرك وملاحقة هؤلاء. وقد طلبت منا تزويدها اي معلومات اضافية متوافرة لدينا». ولكن ماذا عن موضوع غزة؟ يجيب باسيل: «لا اريد ان اتحدث عن هذا الجانب لأن السلطة الفلسطينية هي المعنية، وسأتواصل معها في هذا الشأن».
وهل ينطلق هذا التحرك من خلفية مسيحية؟ يجيب: «لبنان كله متضرر مما يحصل في العراق. هناك ضرر مباشر يتمثّل في تنظيم «داعش» الموجود على حدودنا والذي هاجم بالأمس القريب بلدة عرسال وقتل جنوداً في الجيش اللبناني وأسر آخرين. وهناك، أيضاً، ضرر غير مباشر، وهو ان النموذج الداعشي مضاد ومناقض لنموذجنا اللبناني. عندما يُهجّر الايزيدي والمسيحي في العراق ما الذي يمنع ان يحصل الامر نفسه مع المسيحي والشيعي والدرزي وغيرهم هنا». لذلك، «واجب لبنان ان يتحرك في هذا المجال انطلاقاً من القيم الحضارية التي يؤمن بها»، و«من الضروري اطلاق مسار آلية محاكمة دولية توصل إلى إدراج الارهابيين على لوائح الارهاب، وعندها لن يكون أحد قادراً على الدخول في مقايضات وبازارات»، مشيراً الى أن وزارة الخارجية تعكف على إعداد مراسلات لملاحقة الموضوع الى كل من الدول التي يقاتل مواطنون منها في العراق، والى المنظمات الدولية والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. ولفت الى أنه سيطرح الموضوع في مجلس الوزراء اليوم «والجو ايجابي» في هذا الصدد.
2 تعليق
التعليقات
-
أنا مسلم وأعيش في سيراليونأنا مسلم وأعيش في سيراليون للأسف مضطر ان اتحدت بهذه اللغة الطائفية. ولكن وللأ نصاف ان معالي الوزير جبران باسيل لا يتعامل مع أي مغترب بشكل طائفي ابدا ولنا تجربة مع معاليه منذ فترة وجيزة وكان سندا بكل ما للكلمة من معنى من دون اية معرفة مسبقة لا شخصية ولا بالواسطة. لم يسالني عن طائفتي بل سألني عن رقم هاتفي فقط. انا كلبناني مغترب افتخر بوجود وزير كجبران باسيل في هذه الحكومة وحبذا لو ان جميع الوزراء يحذون حذوه بالنشاط والحيوية.
-
ترسّبات أم صراع سلطوي؟اعتقد أنه من الضروري العمل على فصل ما هو مترسّب في الخطاب و الوعي من مرحلة الحرب و ما قبلها و بين ما هو استغلال للمأساة المسيحية في المنطقة في السباق السلطوي، و بين مخاطر زوال المسيحيين في المنطقة. مما لا شك في ان ليس كل ما يطرح هو "قِيمي" بحت و يعبّر عن حاجة المسيحيين، الا أنه من الصحيح أيضا ان نسب التجاهل و المقاربة و التحسّس للمأساة بلغت مستوايات خطرة جدا. الحقيقة أن المسيحيين باتوا أقليّة الى غير رجعة، و أنهم لم يعودوا قوّة أحادية فارضة قادرة على التسلّط. لم يعد مقبولاً "تعيير" المسيحيين بمطالباتهم، بل على العكس يجب تقييم مواقف القوى كافة ليس فقط بالتفهّم بل بالافعال. ان ما تقوم به بعض القوى بالهجوم على المبادرات و المطالبات هو استخدام "ترسبّات" الذاكرة عن "المارونية السياسية" للرفض من جهة و من جهة أخرى للابقاء على منافع "النظام" كما "اقتُسِم" زمن الوصاية دون الاخذ بعين الاعتبار ان المارونية السياسية انتهت الى الهلاك، شملت معها باقي المسيحيين، و ان هكذا نظام بات بحكم المائت، و أن وصايات الكرة الارضية لم تعد تنفع! اللافت أيضا ان بعض الافرقاء المسيحيين ما زالوا رهائن تجربتهم في زمن الحرب و عبرها المنقوصة و لا سيما ان التغريد خارج "السرب" الاميركي السعودي يكلّف المسيحيين "تلقينهم درساً" في الانضباط. و الاهم، ان اتهام جهة معيّنة باستغلال الواقع المسيحي في الصراع على السلطة يجب ان لا يلغي "الواقعية" بان كل تقويم لوضع ما أو وقف الانهيار هو بالضرورة بحاجة الى قوّة تكون ظاهرة و علنيّة و موجودة و واضحة. أم أن هذا ممنوع أيضا؟!