تحتار عائلة العسكري الرهينة علي السيد (28 عاماً)، بين تصديق الصور المسربة التي تظهر ابنهم مقتولاً نحراً بالسكين على أيدي عناصر إرهابيين في عرسال، وبين عدم تصديقها، بسبب استمرار صمت قيادة الجيش. هذا المناخ دفع فاعليات بلدة فنيدق العكارية، إلى إلقاء اللوم على قيادة الجيش والحكومة معاً في كل ما يحصل في بلدة عرسال، وتحميلهما مسؤولية التقصير وعدم احترام كرامة أهالي العسكريين المخطوفين.
الاجتماع الذي عقد في مبنى بلدية فنيدق، جاء بطلب من رئيسها خلدون طالب، ومختار فنيدق أحمد السيد (والد العسكري علي السيد)، بعدما شعر الرجلان بأن الأمور في عكار قد تخرج عن السيطرة، ولا سيما بعد قطع الأهالي ليلاً كافة الطرقات في ساحة حلبا، للمطالبة بالإسراع في الإفراج عن الأسرى العسكريين.
وقال طالب لـ«الأخبار»: «ليس أمراً سهلاً أن ترى أم صورة لابنها وقد فصل رأسه عن جسده. نحن بلدة ينتمي الكثير من شبانها إلى الجيش وحصتها الأكبر من بين الأسرى، وإلى جانب السيد اثنان من شباب البلدة».

قال أحد أعضاء هيئة العلماء إن الصور التي تظهر العسكري السيد مقتولاً مركّبة

وخشية للأسوأ، ارتأى طالب ضرورة مشاركة كل الأطياف السياسية في فنيدق بالاجتماع، فجلس النائب خالد زهرمان ممثلاً قوى الرابع عشر من آذار، إلى جانب النائب السابق وجيه البعريني ممثلاً قوى الثامن من آذار، وبعد الاجتماع صدر بيان مشترك فيه «التضامن الكامل مع أهل الأسير الرقيب علي السيد، وباقي أسر عناصر الجيش»، ومطالبة «الحكومة اللبنانية وقيادة الجيش بالعمل على تأكيد أو نفي تلك الصور». كذلك رأوا أنه «نظراً إلى التضحيات التي يقدمها أبناؤنا في المؤسسة العسكرية، ولا سيما أبناء عكار، على الحكومة اللبنانية العمل بشكل جدي وصادق لإطلاق سراحهم، ونحملها كامل المسؤولية عن التقصير الحاصل بحق الأسرى وعدم احترام كرامة أهاليهم، ونحذر من تداعيات التقصير المقصود وعدم التجاوب من قبلهم».
من جهته، أوضح زهرمان أن «هناك من يغرد خارج السرب وينشر شائعات عن أن هدف الاجتماع كان لاتخاذ قرار جامع بطرد السوريين من كافة مناطق عكار، وهذا أمر عارٍ من الصحة، وهذا ما نرفضه بالمطلق». وقال زهرمان إن هدف الاجتماع «تأكيد تضامن أهالي فنيدق بعضهم مع بعض إلى جانب عائلة السيد من جهة، ولضبط الشارع حتى لا تنفلت الأمور من عقالها من جهة ثانية. ولأن أحداً لا ينكر حالة التململ من ممارسات الحكومة وقيادة الجيش تجاه عكار، لا نقف ضد التحركات السلمية والديموقراطية، إلا أننا مضطرون إلى مراقبة الشباب المتحمسين في الشارع، خوفاً من طابور خامس، لإثارة نعرات طائفية وإحداث الفوضى».
في مجال آخر، شدد خطباء الجمعة في مساجد عكار أمس، على دعم الجيش اللبناني في حربه على الإرهاب، ونبذ أي ممارسات لا تمثل الدين الإسلامي الحنيف. وقال إمام مسجد فنيدق الكبير الشيخ وليد فنيش إن «ما يهم أبناء فنيدق في هذه المرحلة هو التوصل إلى إنقاذ العسكريين، ولا سيما أبناؤها الثلاثة المحتجزون. وقد أثبتت البلدة أنها بكل مكوناتها تقف إلى جانب الجيش، ولا تمثلها قلة ممن يغادرونها للقتال إلى جانب المجموعات المسلحة. وهي حالات فردية منبوذة من قبل كل أبناء فنيدق». وطالب «الحكومة باللجوء إلى التفاوض مع المسلحين ولو اضطرت إلى اطلاق سراح الموقوفين في رومية. فهذا الأمر يحصل في كل أنحاء العالم، وإسرائيل التي تعد من أكبر القوى في الشرق الأوسط، فاوضت حركة «حماس» مقابل إطلاق سراح جندي واحد من جنودها».
وكانت مسألة التفاوض قد شكلت مادة نقاش في الاجتماع، وفق ما أكد أحد المجتمعين لـ«الأخبار»، إذ طرحت فكرة تضمين البيان إشارة إلى ضرورة مطالبة الحكومة باعتماد أي وسيلة من شأنها تسهيل عملية التفاوض مع العسكريين، كمقايضتهم بالموقوفين في سجن رومية، الأمر الذي لاقى اعتراضاً من قبل البعريني، الذي قال: «اتركوا الدولة تشوف شغلها»، ملمحاً إلى ضرورة التشديد على إعطاء الضوء الأخضر للجيش اللبناني حتى يتمكن من حسم المعركة في عرسال.
كذلك علمت «الأخبار» أن المجتمعين تلقوا اتصالاً من أحد أعضاء هيئة علماء المسلمين، أشار إلى أن الصور التي تظهر العسكري السيد مقتولاً مركّبة، مؤكداً أن «الهيئة تواصلت مع أحد العناصر الخاطفة، وأكد أن لا عملية قتل أو تصفية لأحد العسكريين جرت خلال اليومين الماضيين». وطلب المجتمعون زيارة قائد الجيش العماد جان قهوجي، للوقف منه على حقيقة ما حدث في عرسال، ومعرفة نتائج عمل اللجنة المكلفة دراسة الصور التي تظهر الرقيب السيد مقتولاً.