حالما أعلن الرئيس نبيه برّي، أخيراً، أهمية الاستثمار في الجيش وضرورة تنويع مصادر سلاحه، أُعلِن عن زيارة لوزير الداخلية نهاد المشنوق إلى موسكو الشهر الجاري للبحث في تزويد قوى الامن الداخلي معدّات عسكرية وأخرى ذات استخدام أمني.
وقد بدا لافتاً أن نواباً في تيار المستقبل باتوا يتحدثون بـ «رحابة صدر» عن أسلحة للجيش لا تحمل دمغة «صُنع في أميركا». يعود هؤلاء إلى عام 2010، حين «كان الرئيس سعد الحريري أول المهلّلين للإعلان عن نية روسيا تقديم مساعدات للجيش، قوامها طوافات ومدافع ودبابات وذخيرة، وقبلها طائرات ميغ ــــ 29»، مؤكّدين أن «المهم دعم الجيش بصرف النظر عن المصدر، وخصوصاً أنه لم يجرِ بعد فك أسر الهبة السعودية»!
هذا في العلن. أما فعلياً، فلا يبدو سهلاً على تيار المستقبل الترحيب بمثل هذا الانفتاح على بلد لا يعده حليفاً له. و«المعدة المستقبلية» لم تهضم، حتى الساعة، فكرة قيام المشنوق بمثل هذه الزيارة، التي كانت مقررة في أيار الماضي، وإن كان بعض المستقبليين يعزون معارضتهم لأسباب تقنية لا سياسية.

فمشكلة لبنان مع روسيا، بحسب أحد النواب المستقبليين، أنه «سيكون مضطراً إلى شراء السلاح الروسي، لأن هذه الدولة لا تقدّم مساعدات مجّانية»، علماً أن ما عرضته موسكو سابقاً يندرج في خانة الهبات، فيما يعزو نائب آخر مطّلع على مشروع القانون الذي أعدّته لجنة الدفاع النيابية التردد في إنفاق جزء من الهبات المقدّمة للجيش على استيراد سلاح من موسكو، الى أن «ما تعرضه روسيا علينا لا يتناسب واحتياجات الجيش في معركته مع الإرهاب». وهذا «قيل بوضوح في جلسة للجنة مع ممثلين عن المؤسسة العسكرية، تضمنت شرحاً مفصلاً للعتاد والتجهيزات التي يحتاج إليها الجيش».
ما حاجيات الجيش إذاً، ومن أي مصدر؟ يجيب النائب المستقبلي أن «المؤسسة العسكرية، بحسب ما أظهرته معركة عرسال الأخيرة، تحتاج إلى سلاح نشر المعلومات عن شبكة الاستخبارات المتباينة، والمراقبة والاستطلاع (ISR)». على سبيل المثال، «الطائرات التي تراقب وتسجّل ليل نهار، وترصد أهدافاً محددة لفترات طويلة من الزمن، وأهميتها تكمن في نظامها الإلكتروني الذي يمكنه كشف أماكن انتشار المجموعات المسلّحة وتسجيل تحركاتها وتسهيل استهدافها.

نواب مستقبليون: ما يحتاج إليه الجيش موجود في أميركا وإسرائيل فقط!

وهذه التقنية ليست موجودة إلا في الولايات المتحدة وإسرائيل. وملف تسليح الجيش الذي يلقى أساساً اعتراضات كبيرة داخل الإدارة الأميركية، لا يزال يمنعنا من الحصول على مثل هذه التكنولوجيا». والامتعاض الأميركي، بحسب النائب نفسه، بدا جلياً، من خلال «جملة أسئلة طرحتها وفود سياسية وعسكرية التقت سياسيين لبنانيين، عن مدى استقلالية الجيش عن حزب الله وايران. فما يهمّ واشنطن هو الحصول على ضمانات بعدم وصول المعلومات التي يحصل عليها الجيش، من خلال هذا السلاح، إلى الحزب أو أي جهة أخرى».
حتى الآن، بحسب المصدر، «لا يزال الرأي الأميركي في ما يتعلق بملف التسليح الجدّي غير ثابت، وكل ما وصل أخيراً من مساعدات أميركية يدخل ضمن نطاق السلاح التقليدي، الذي لن يسعف الجيش في معركته مع الإرهاب». ويخشى هؤلاء من أن «التباطؤ في صرف الهبات، والتردد الأميركي في تقديم سلاح جدّي وفعّال، قد يدفعاننا إلى الاستعانة بمصادر أخرى، مثل روسيا التي سيكون سلاحها في أي حرب مقبلة مع الإرهاب غير ذي قيمة»!