عندما قرر النجار محمد قوصان، من بلدة قلاويه ( بنت جبيل)، إقفال منجرته بسبب «عدم القدرة على تغطية المصاريف»، كان لانقطاع التيار الكهربائي المستمر دور كبير في هذا الخيار. المشكلات الاقتصادية تفاقم بعضها مع بعض، من تراجع أعداد الزبائن بسبب الغلاء الفاحش والأوضاع الأمنية التي أدت الى انخفاض أعداد ورش البناء، وصولاً الى انقطاع الكهرباء الذي بلغ 16 ساعة في اليوم وعدم القدرة على دفع الكلفة الباهظة للمولدات الكهربائية.
عدد كبير من أصحاب المصالح فضّل الاستغناء عن الكهرباء البديلة، وبالتالي خسر زبائنه. يرى فادي فرحات، صاحب دكان في المنطقة، أن «عدم تشغيل البرادات يعني عدم بيع العصائر والبوظة والألبان والأجبان وغيرها، وبالتالي فإن زبائن المحل سيبحثون عن محال تجارية أخرى لشراء ما يحتاجون إليه. لكن حتّى هذا يكون أقل كلفة من تشغيل المولد الكهربائي على مدار الساعة». فكلفة اشتراكات الكهرباء التي قد يتكبدها أصحاب المحال المؤسسات التجارية والحرفية تزيد على 400 ألف ليرة، وهو مبلغ لا يتحمله التجار بسبب قلّة البيع. الخسارة التي لحقت بمحمود عاشور، مدير مصنع جديد للأخشاب، كانت أكبر، إذ تكلّف 1000$ لشراء المازوت للمولدات الكهربائية، إضافة الى تصليح الأعطال المستمرة بسبب الانقطاع الفجائي والمتكرر لكهرباء الدولة. في ظل هذه الأزمة، تحركت البلديات في المنطقة لتخصيص جزء كبير من ميزانيتها لمواجهة المشكلة، فتكبّدت بلدية الخيام أكثر من 400 ألف دولار لشراء مولدات الكهرباء وتأمين الاشتراكات للأهالي، أما بلدية شقرا ودوبيه فاتبعت «طريقة الاستدانة لشراء المولدات وبدأت بسداد دينها من بدلات الاشتراكات». معظم البلديات عمدت منذ سنتين إلى شراء مولدات كهربائية، لأن هذه المناطق تعاني في الأصل من تقنين يبلغ 12 ساعة، إلا أن أزمة اليوم زادت المشكلة، فلجأت البلديات إلى نظام العدادات الذي ضاعف كلفة فواتير الكهرباء وأصبح على المواطن الفقير دفع حوالى مئة دولار شهرياً إذا ما قرر استخدام كهرباء الاشتراك بشكل عادي، حتى إن بعض الفواتير وصل الى أكثر من 300 ألف ليرة شهرياً.