لم تبق طريقة لم نجربها من أجل التواصل مع النجوم السوريين في باريس خلال التحضير لتحقيقنا «مبدعون سوريون في المنفى يوميات الزمن الصعب» (الأخبار 29/8/2014). أُغلق الباب في وجهنا عند مبادرتنا للحديث معهم. بعضهم اختار إغلاقه بمنتهى اللطف، بحجة أنّ «الأخبار» تخلت عن مطالب الشعب السوري، و»اصطفت مع النظام بذريعة محاربة الإرهاب»؟! آخرون صفقوا الباب صفقاً، غير آبهين بـ «شعرة معاوية» ومفضلّين الاختفاء بطريقة غير لائقة والامتثال لسياسة الإلغاء الكلي، كأن «الثورة» السورية التي أسهم هؤلاء في اندلاعها، لم تقم في الأساسس بوجه الإقصاء والاستبداد والقمع.
على أي حال، انطلقنا من هاجس التعاطف مع هؤلاء المبدعين بسبب الوضع المتردي الذي وصل بعضهم إليه وحياة التشرد التي عاشها آخرون نتيجة نفيهم القسري من سوريا في إجراء تحقيق «مبدعون سوريون في المنفى يوميات الزمن الصعب» (الأخبار 29/8/2014) إلى جانب معلومات وفيديوهات وثقها أصدقاء زاروا باريس أخيراً وعادوا بروايات موجعة عن الغربة التي طحنتهم، وعن حنينهم الجارف إلى دمشق. لكن أبرز ما وصلنا من مصادر متقاطعة هو اضطرار الفنان الشهير سميح شقير للعمل سائق تاكسي يلبّي طلبات محددة من المطار. لكن صاحب «يا حيف» نفى المعلومة جملة وتفصيلاً في رسالة مطولة بعثها إلينا، كما نفى خبر إصابته بالسرطان، موضحاً أنه مصاب بالروماتيزم لا أكثر. هكذا، نشرنا رسالته مع اعتذارنا على هذا الخطأ.
لكن على طرف مقابل، بدأت الردود تتوالى حال نشر التحقيق. بعضها اقتصر على الشتم والردح والتكذيب. لكن الأبرز هو توسيع رؤيتنا من أشخاص لامستهم المادة، فزودونا بتفاصيل دقيقة عن مشاريع فنية وثقافية واجتماعية وخيرية يحضرون لها في مدينة الأنوار انطلاقاً من الكارثة السورية. المفاجأة كانت تنويههم أنّ المعلومات التي أدلينا بها هي رسائل شخصية غير قابلة للنشر على صفحات «الأخبار» تحديداً! على أي حال، يستحق هؤلاء أن تضاء الأصابع شموعاً وفاء لتجربتهم الفنية الغنية. أما بخصوص السمة الإلغائية التي تسم خطواتهم ووجهتهم السياسية، فهي أمر نتركه للزمن عساه يصلح ما أفسدته الحرب الأهلية.