لم تتأخر مرام ابنة الأعوام الثلاثة عن الإجابة عما إذا كانت لديها صورة تجمعها ووالدها علي البزال. تسارع إلى داخل إحدى غرف المنزل الكائن في أحد أحياء بلدة البزالية في البقاع الشمالي، تحمل صورة وقد ارتمت بين أحضانه، فتمسحها بيدها الصغيرة، وتقبّلها مرات عدة، قبل أن تطلب ببراءة: «صوّرني». لا تتمكن زينب البزال والدة علي من ضبط دموعها، أثناء تجوال حفيدتها مرام في بهو المنزل، وبيدها صورة والدها، الذي خطفه مسلحو «جبهة النصرة» من فصيلة درك عرسال في الثاني من آب الماضي.
علي البزال (27 عاماً) عريف في قوى الأمن الداخلي، نقل بموجب تشكيلات أمنية من القوى السيّارة إلى فصيلة درك عرسال قبل أسبوعين فقط من «غزوة عرسال». «لو بينفدى علي بعيوني كنت أعطيتهم للخاطفين. شرط يردولي إبني وخيي وصديقي». تقول أم علي، وهي تشرح معاناتها اليومية منذ اختطاف ابنها البكر، الذي انتسب إلى قوى الأمن الداخلي، على عكس أشقائه الثلاثة الذين انضووا في الجيش، «إحدى مؤسسات الدولة كمان. نحنا ما لحقنا لا حزب الله ولا غيرو، لأنه منعتبر أنه الدولة هيي الأساس» تقول.
تمسح «أم علي» دموعها. تؤكد أن عائلتها تمقت الطائفية، «لو كان عنا طائفية وحقد وكره لحدا، كنا ما زوجناه من عرسال»، مشيرة إلى زواج علي برنا الفليطي ابنة بلدة عرسال. «ما عنا شي تجاه أهل عرسال، نحنا عتبنا بس ع حكومتنا، وعلى اللي بدو يعمل رئيس، يا خيّي بدك تعمل رئيس اعمل بس خلصولنا اولادنا قبل»، تقول بحرقة.
رامز البزال، والد العريف المخطوف منذ 35 يوماً، سائق سيارة الأجرة، لا يجد بديلاً من مطالبة الحكومة بالإسراع في إطلاق ابنه ورفاقه وإعادتهم إلى عائلاتهم وأهاليهم، «لأن أولادنا مش ملاقيينهم ع الطريق. ولو كان إبنك يا حضرة المسؤول، بين المخطوفين، شو كنت عملت؟ كنت نمت بالليل؟ كنت تصرفت بهالطريقة اللي عم تتصرف فيها؟»، مستطرداً: «أكيد لا، لأن المخطوفين كلهم أولاد مواطنين فقرا ومعترين ما حدا بيسأل عنهم».