عاد أهالي العسكريين المخطوفين ليل أمس إلى بقاعهم، حيث عائلاتهم ومنازلهم، بنظرة قاتمة وسوداوية عن «عجز» دولتهم تجاه ملف إطلاق أبنائهم. أكثر من ثلاث ساعات من الانتظار، ثم لقاء رئيس الحكومة تمام سلام و«خلية الأزمة»، خرج بعدها هؤلاء و«الإحباط» يرخي بثقله عليهم، ولسان حالهم «تيتي تيتي متل ما رحتي جيتي»، كما قال أحدهم.
وقال بعض من حضر اللقاء من الأهالي إنهم كانوا ينتظرون «الكثير من الاجتماع»، إلا أنهم فوجئوا برئيس الحكومة يكرر الكلام الذي قاله في لقائه السابق بهم، وفي كلمته قبل يومين، لجهة «أن أبناءكم أبناء الدولة ومؤسستها الأمنية والدولة لن تتخلى عنهم، وأن المفاوضات تجري بعيداً عن الأضواء وبمسؤولية»، مكرراً أن «القضية صعبة، وتحتاج الى الصبر والابتعاد عن الإعلام، وضرورة تماسكهم وعدم الانسياق خلف الانفعالات وقطع الطرقات، وتشكيل لجنة مصغرة من الأهالي للتواصل مع رئاسة الحكومة». أما وزراء «خلية الأزمة» الذين حضروا الاجتماع فـ«ما حدا حكي منهم كلمة»، بحسب مصادر الأهالي، الأمر الذي «أصابنا بحال من اليأس»، دفعت والد أحد المخطوفين الى القول لدى مغادرته السراي الحكومي «أولادنا راحوا».

الحجيري يصطحب عائلة أحد المخطوفين لـ«زيارة» ابنهم!


كان الأهالي ينتظرون الكثير من دولتهم، رداً على التصعيد الذي مارسته وتمارسه «داعش» وذبحها جنديين من الجيش. الجدل الطويل في اجتماعاتهم البقاعية، حول تلبية دعوة رئيس الحكومة وتعليق تحركاتهم، كان من أجل سماع رد الحكومة على مطالب الخاطفين التي نقلها الموفد القطري. إلا أن كل ذلك لم يحصل.
في غضون ذلك، لم يعد هناك سوى الشيخ مصطفى الحجيري المعروف بـ«أبو طاقية» بصيص الأمل الوحيد المتبقي لدى عائلات العسكريين المخطوفين، إذ لا يوجد غيره في الجمهورية اللبنانية قادر على التواصل مع الجهات الخاطفة. لذا يلوذ به أهالي العسكريين، علّه يساعد في فكّ أسر أحدهم، أو يرتّب اتصالاً بين مخطوف وأهله، أو حتى يصطحب أهل مخطوف في «زيارة» لابنهم»! وهو ما حصل بالفعل مع عائلة الجندي المخطوف لدى «جبهة النصرة» جورج خوري، التي اصطحب «أبو طاقية» أفراداً منها لمقابلته في جرود عرسال.
وقال الحجيري لـ«الأخبار»إن «اللقاء استمر ساعة، وفي طريق العودة تعرّضنا لإطلاق نار من قبل حاجز للجيش»، معيداً ذلك إلى «الاشتباه في أننا مسلحون، بسبب عدم تنسيقنا مع الجيش». ولفت إلى أن «تدخّل البلدية أوضح للجيش أننا لسنا مسلّحين». وتحدث الحجيري عن والدة جندي مخطوف لدى «داعش» قصدته طالبة إليه بذل المُستطاع لإجراء عملية تبادل لنقل ابنها الى عهدة «جبهة النصرة»، وعن مساعدته عائلة الجندي عباس مشيك في الاتصال بابنها المريض للاطمئنان عليه. واستنكر الحجيري الحملات التي تُشنّ عليه بسبب دخوله في عملية التفاوض، قائلاً: «هناك عائلة تعتبر ابنها ميتاً. أخذتهم ليجلسوا مع ابنهم. أين الجريمة التي ارتكبتها إذا حرّرت جنوداً مخطوفين؟».
وأكد أنه «لو كان الجنود لدى الجيش الحرّ، لكنت جئت بهم جميعهم»، كاشفاً أن «الموفد القطري اقترح أن أكون وسيطاً في المفاوضات بينه وبين «داعش»، إلا أن قيادة التنظيم رفضت، معتبرة أنني شخص غير مرغوب فيه». ونفى أن يكون على علم بمكان وجود المخطوفين، مشيراً الى أن «الخاطفين يحددون المكان الذي يجب أن أذهب إليه».
وأدان الحجيري عمليات الاعتداء التي تطال النازحين السوريين، معتبراً أنّ «هذه الأعمال من شأنها تعقيد وعرقلة إنجاز ملف الجنود المخطوفين»، وأنها «عمليات منظمة وغير بريئة». وسأل «هل المطلوب تحويل أهل عرسال إلى دواعش؟».
وفي سياق متصل، سقط لليوم الثاني على التوالي صاروخان بين بلدتي حورتعلا والخضر مصدرهما السلسلة الشرقية، لم يؤديا إلى أضرار.
من جهة أخرى، أفرج خاطفو ابن بلدة سعدنايل أيمن صوّان عنه أمس، بعدما أدى خطفه إلى توتر أهليّ في منطقة البقاع الشمالي وعمليات خطف متبادل وقطع طرقات.
وكان الجيش قد لاحق خاطفي صوان، واشتبكت قوة منه أمس مع مطلوبين في محلة وادي شلح في جرود بلدة بريتال، ما أدى إلى إصابة جندي بجروح. وقد توجهت تعزيزات إلى جرود بريتال وأقيمت حواجز عند مداخلها، وعند مفارق القرى المحيطة بالبلدة.