من بعد الحمص والفلافل والكوفية وحتى أغنية «تي رش رش» ودلعونة علاء زلزلي، يستأنف الإسرائيليون سرقة كل انواع التراث والثقافة والفنون العربية. اما اليوم، فالسرقة تستهدف من حرقت قلوب الاسرائيليين ثقافياً منذ غنت «راجعون» و»زهرة المدائن»، اقصد بالطبع أغاني السيدة فيروز!
فبحسب صفحة «إسرائيل تتكلم بالعربية» على فايسبوك، تُطلق فرقة توركيز (وتعني حجر الفيروز) مشروعاً إلكترونياً يتضمن تسجيلات مترجمة لأغاني فيروز، بحيث ستتصدر المجموعة أغنية «سألوني الناس» لزياد التي سيصبح اسمها بالعبرية «شاءلو أوتي». الفرقة التي أنشئت عام 2012 بقيادة المغنية وعازفة الناي داليت فريدمان وعازف الغيتار أورن إليعزري ستُعرف الجمهور الإسرائيلي على سيدة الأغنية اللبنانية سعياً إلى رفع مستوى الذوق الفني... باللغة العبرية.
«غوغائيون ولا هوية لكم»، هكذا يصف واحد من بين العشرات الذين تركوا تعليقاً على الخبر داخل الصفحة. غيره، يرحب بالفكرة تاركاً تعليق مجازه «تحياتي للشعب الإسرائيلي رغم كوننا نقول إنهم أناس احتلوا أرضنا وهجروا شعبنا، طيب، إيلي احتلوه اليهود لا يعادل 1% من مساحة الوطن العربي» وكأن ذلك يشكل مبرراً مقبولاً لاحتلال إسرائيلي لـ(مجرد بقعة جغرافية صغيرة) من العالم العربي. آخرون، دعوا القائمين على الصحفة للاستماع إلى أغنية «زهرة المدائن»، لعل وعسى تصل الرسالة المبتغاة، والتي تقول إن فيروز غنّت لفلسطين بكامل ترابها الوطني. أما على مستوى أصحاب الشأن –أي عائلة الرحباني- فلم يتم حتى الآن تسجيل أي تصريح، وعلى الأغلب، أن الخبر لم يصلهم أصلاً! تكاد تكون هذه النماذج عينات مصغّرة ممّا وصلنا إليه كشعوب عربية، فنحن حتى الآن لا نستطيع الإجماع على أي فلسطين نريد، ولا إذا كانت إسرائيل عدّوة أو جارة، ونكاد لا نستطيع أن نميّز –بمعظمنا- ما هو مقبول وما هو تطبيع مع العدو الإسرائيلي، او هكذا تريد الصفحة ان توحي لنا...
من منّا لا يستمع إلى أغنيات فيروز صباحاً؟ تخيلوا معي فقط لو أصبحت هذه العادة الصباحية عادة إسرائيلية، وبدلاً من «سألوني الناس» قد تصدح «شاءلو أوتي» صباحاً عبر أثير الإذاعات العبرية...
قد لا تكون ترجمة أغاني فيروز سبباً يستدعي التحرك من أجله عند البعض، وعليه سيكون السؤال الأهم هنا، كيف سيكون موقف السيدة فيروز، وعائلة الرحباني بشكل عام، من خبر كهذا؟ هل ستُرفع دعوى قضائية ضد فرقة توركيز لسرقتها الكلمات والألحان من دون إذن مسبق؟ أم أن الموضوع سيمر مرور الكرام؟ إن مرّ، فلا تستغربوا إذا أصبحت الأرزة يوماً، شعار الوحدة الوطنية اللبنانية ورمز العزّة والشموخ والهيبة، ملكية إسرائيلية في نهاية المطاف. ليس للتزوير حدود...