عاد الوفد الحكومي الذي يرأسه الرئيس تمام سلام إلى بيروت مساء أمس، وبقي اللواء عباس إبراهيم في الدوحة لمتابعة ملفّ العسكريين المختطفين مع المعنيين في قطر، بالتزامن مع وصول رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان إلى الدوحة مساء أمس. وعلمت «الأخبار» أن إبراهيم سيبقى في العاصمة القطرية حتى يوم غد لاستكمال لقاءاته والاجتماع بنظرائه، والبحث في آلية التفاوض مع إرهابيي «داعش» و«جبهة النصرة». وفيما أكّدت مصادر الوفد أن اللقاء مع الأمير تميم بن حمد آل ثاني كان «ممتازاً»، لفتت الى أن «أمير قطر وسلام توافقا على أن القصة طويلة وصعبة».
لا تفاصيل حتى الآن عن تقدّم المفاوضات، أو حتى الصيغة التفاوضية التي تم التوصّل إليها مع الخاطفين أو من يفاوض عنهم، لكنّ المؤكّد أن الأزمة ليست في جرود عرسال فحسب، أو في الخاطفين وحدهم. فقد عاد تيار المستقبل في الأيام الماضية إلى تكرار ما تم الترويج له في الأيام الأولى لاختطاف العسكريين عن أن الحل الوحيد هو المقايضة! وموقف المستقبل هذا لم يطرح داخل مجلس الوزراء، وإنما يجري التعبير عنه فعلياً في الشارع عبر استخدام تحرك بعض أهالي المخطوفين الذي لا يبدو موجّهاً الى الخاطفين، بقدر ما يبدو مطالباً بإطلاق موقوفين من سجن رومية. كما يردده مسؤولون مستقبليون بعيداً عن تبني التيار هذا الموقف بشكل علني ورسمي. وعلى ما يتردّد في صالونات المستقبليين، فإن «الحل الوحيد لتحرير العسكريين هو المقايضة، ولن يرضى المسلحون بغير ذلك». ويأتي الطرح المستقبلي غير الرسمي، على رغم فشل اجتماع سلام مع رئيس مجلس القضاء الأعلى جان فهد والمدعي العام التمييزي سمير حمود ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر قبل نحو أسبوعين، في «ابتداع» صيغة قانونية تسمح بمقايضة موقوفين ومحكومين مع مخطوفين.
وعبّر أكثر من مصدر نيابي بارز في 8 آذار عن استغراب كبير من «جرأة المستقبل على هذا الطرح، في ظلّ شبه الإجماع المعلن على محاربة تنظيم داعش». وتقول مصادر وزارية بارزة في فريق الرئيس نبيه بري إن «هذا الموضوع لم يطرح إطلاقاً في مجلس الوزراء، والمقايضة مبدئياً غير قابلة للنقاش». مصادر نيابية بارزة رأت أن «تيار المستقبل بأدائه الحالي يفضل الفتنة على مواجهة التكفيريين، و(الرئيس فؤاد) السنيورة يفضل الاشتباك السياسي مع حزب الله على مواجهة التكفيريين». وتتوقّف المصادر عند مواقف وزير العدل أشرف ريفي تحديداً، معتبرةً أنه «يساهم في جعل طرابلس بيئة ذات لون واحد، وهو أقام الدنيا ولم يقعدها عندما حُرق علم داعش، ولم يحرّك ساكناً عندما اغتيل فواز بزي، علماً بأن القتلة معروفون». وتتابع «على المستقبل أن يحسم خياره، فهو لا يستطيع أن يبقي التوتير معنا على أشدّه ويساهم في التحريض المذهبي ولا يواجه التكفيريين، الأمور ستصل إلى حائط مسدود قريباً».
وبحسب المصادر، فإن «التفاوض كطرف قوي أهم من استجداء المساعدة من القطريين والأتراك، في وقت لا تزال فيه تركيا الداعم الأول لداعش». و«التفاوض كطرف قوي» يعني، بالنسبة إلى المصادر، استخدام الدولة لعوامل القوة لديها، وأهمها ما طرحه عدد من الوزراء عن تنفيذ أحكام إعدام صادرة في حقّ موقوفي البارد في حال إقدام الإرهابيين على قتل أحد الجنود، وفصل الجيش عرسال عن جرودها نهائياً، وقطع كل سبل التموين عن المسلحين في الجرود، «وعندها يمكن التفاوض تحت الضغط».
من جهتها، أكّدت مصادر وزارية في الحزب التقدمي الاشتراكي لـ«الأخبار» أن «موقف الحزب الواضح هو رفض المقايضة لأنه ينهي أي وجود للدولة». وكان النائب وليد جنبلاط قد دعا إلى «جلسات محاكمة خاصة وسريعة للموقوفين الإسلاميين في رومية، والانتهاء منها في 3 أو4 أيام، وحتى الساعة تحقق في 27 ملفاً من أصل 400 وهذا أمر معيب، والأمر موجه إلى السلطات القضائية ووزير العدل».
وكان سلام قد صرّح بـ«أننا لمسنا من خلال زيارتنا لأمير قطر استقبالاً وترحيباً من القلب. ونحن هنا لنقول مرة جديدة شكراً قطر»، فيما أكد إبراهيم من قطر أن «الأتراك مستعدون للدخول في وساطة لإطلاق العسكريين، لكن الأمور عندهم غير واضحة بعد... وهناك شروط تعجيزية لدى الخاطفين، لكن نستطيع القول إن الدولاب بدأ يتحرك، إنما ببطء». وأكد أن «لكل من داعش والنصرة شروطه المختلفة، ولا يوجد تنسيق بينهما، ما يصعب المفاوضات، ومن يضع الشروط من خارج القلمون، والشخصية السورية ما زالت تقوم بالوساطة».

وفد عرسالي عند يزبك

بقاعاً، زار وفد من بلدة عرسال رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك في بعلبك، وضم الوفد المهندس عبد الله البريدي وحسين الفليطي، اللذين أطلقا منذ أيام، بعد اختطافهما من قبل عائلة المصري في حورتعلا. وأشار الوفد إلى أن «الداعشيين اعتقدوا أن أهل عرسال سيحملون السلاح إلى جانبهم، ويهاجمون أهلهم وجيرانهم في المنطقة، ولكن خاب أملهم، فليس معهم من أهل عرسال سوى قلة قليلة، لذا هم يهاجمون البلدة وأحياءها، ويخطفون عراسلة ».
وفي السياق نفسه، قطع أهالي بلدة البزالية وعائلة العسكري المخطوف علي رامز البزال طريق بعلبك ـــ حمص الدولية وأقدموا على نصب خيمة كبيرة وسط الطريق للمطالبة بالإسراع في إطلاق سراح ابنهم.