برغم الطابع الاقتصادي للخلاف بين وزير المالية الإسرائيلي، يائير لابيد، ورئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو ومعه وزير الجيش، موشيه يعلون، فإن جوهر السجال القائم في إسرائيل يغلب على خلفياته وأهدافه الصراع السياسي والتنافس الحزبي. لابيد يريد في ظل تراجع شعبيته أن يقدم نفسه كسياسي يهتم بالدرجة الأولى بالقضايا الاجتماعية التي تعني الجمهور وأنه مدافع عن الطبقة الوسطى. في المقابل، يحرص نتنياهو، الذي يرى نفسه المسؤول عن واقع الدولة ومستقبلها، أن يبدو فارس «الأمن».
مع ذلك، للتباين جذور وواقع اقتصادي صعب تمر به إسرائيل على خلفية تراجع نسب النمو عن السقف الذي تطمح إليه، وخاصة أن ذلك يقترن بالحاجة الملحة إلى زيادة معدل النفقات على القضايا الأمنية نتيجة التحديات والتهديدات المحدقة بالاحتلال.
هنا بالضبط، يحاول نتنياهو أن يقف موقفا وسطيا، بين المؤسسة الأمنية التي تطالب بإضافة 11 مليار شيكل (1دولار = 3.66 شيقل) على موازنة العام المقبل، كي تبلغ 63 مليارا. أما وزير المالية فيوافق على إضافة 2,5 مليار شيكل، لكن نتنياهو، وفق تقارير إعلامية عبرية، يطالب بمبلغ 6,5 مليارات شيكل، وهو الرقم الذي يرى أنه يلبي الاحتياجات الأمنية الحالية.
ضمن الضغوط التي تمارسها الأطراف في سياق المفاوضات، أصدر نتنياهو قرارا بوقف المداولات في قانون الإعفاء الضريبي الذي يدفع به لابيد، وهو ما يؤشر إلى تفاقم حدة الخلاف والصراع. ولفتت إذاعة الجيش إلى أن الأول أمر بتجميد المداولات إلى حين التوصل إلى اتفاق حول الموازنة الأمنية.
في المقابل، رد لابيد على خطوة نتنياهو، بالتهديد بتفكيك الحكومة والقول: «لن أرفع الضرائب»، وأضاف في مقابلة مع موقع «واي نت»، أنه في ما يتعلق بمستقبل الحكومة «كل شيء مفتوح». بعد ذلك، عاد وأكد أنه، حتى الآن، لا يبدو أن الصراع حول الموازنة يشبه ما كان عليه في السنوات السابقة.
لابيد قال إنه لم يخطر على باله أن يقدم نتنياهو على تجميد قانون الإعفاء الضريبي، مذكرا بأن رئيس الحكومة نفسه صوت لمصلحة القانون، وتابع: «الحكومة التي لا تنفذ تعهداتها تتفكك من تلقاء نفسها». وعلى ضوء تراجع شعبيته كما تفيد استطلاعات الرأي، أكد وزير المالية أنه لا يخاف من الانتخابات، «ولا أرى سببا حتى لا أكون في الحكومة وفق تركيبتها الحالية، حتى بعد عدة أشهر». لافتا إلى أن «الانتخابات ليست شيئا جيدا بالنسبة لدولة إسرائيل».
حول معارضته رفع الضرائب، شرح لابيد، أنه «حتى لو كانت هناك مشكلة لا يعني ذلك أنه ينبغي مرة أخرى الإضرار بالطبقة الوسطى والطبقات الضعيفة». وبشأن الموازنة الأمنية، توجه إلى الأجهزة المختصة بالقول: «أفهم أنه تولدت حاجات جديدة، وينبغي أن يكون هناك حلول لقذائف الهاون والأنفاق، وهذا الأمر يتطلب المزيد من الأموال، لكن لن أسمح بأن يكون ذلك بازارا تركيا». وأكمل: «أريد أن أعطيكم الأموال التي تنبغي، ولا أستطيع أن أعطيكم الأموال غير الموجودة».
في غضون ذلك، دخل وزير الجيش، موشيه يعلون، على خط المواجهة، واتهم لابيد بأن لديه «أجندة تتمثل في المس بالموازنة الأمنية». وكما نقلت صحيفة «يديعوت احرونوت»، فقد اتهم يعلون، لابيد، بأنه يسعى إلى إغلاق مصنع دبابات «ميركافا» وإرسال الآلاف إلى البطالة وتعريض أمن إسرائيل للخطر، كما اتهمه بأنه يوزع المليارات دون رقابة على الوزرارات التابعة لحزبه. ولفت يعلون إلى أن المحاسبة العامة لوزارة المالية وافقت على زيادة موازنة الأمن بـ7 مليارات شيكل، «لكن لابيد يوافق فقط على 4 مليارات».
في كل الأحوال، تتخوف بعض التقديرات الاقتصادية في إسرائيل، من أن ينعكس الوضع السياسي والاقتصادي سلبيا على السكان، فضلا على أنهم لن يتمتعوا بأي من «رواقع النمو»، لأن الخيارات المتاحة لتلبية المطالب المالية تراوح ما بين رفع نسبة العجز، وزيادة الضرائب وتقليص النفقات. وفي السياق، تخوفت صحيفة «هآرتس» من أن تكون السنة المقبلة صعبة من الناحية الاقتصادية لجهة تخفيض التصنيف الائتماني، وارتفاع الفائدة، ونسبة الدين، إضافة إلى معدلات البطالة.