خلصت جلسة الحكومة الطويلة أمس، إلى أن لبنان لن يكون جزءاً من التحالف الدولي الذي تقوده أميركا وسحب ملفّ مخيمات النازحين من التداول.ست ساعات أمضاها الوزراء أمس في جلسة «ماراتونية» للحكومة، امتدت من الرابعة عصراً حتى العاشرة مساءً. ورغم أن الجلسة تخللها أكثر من نقاش ملتهب وتعارض في وجهات النظر، إلّا أن الانطباع الذي عكسه معظم الوزراء بعدها، هو: حرص الجميع على بقاء الحكومة خارج سياق التعطيل.

وكما كان متوقعاً، استحوذت مشاركة الوزير جبران باسيل في الاجتماع الأميركي ـــ الخليجي في جدة وفي مؤتمر باريس على قدرٍ عالٍ من الأهمية. إذ عرض باسيل أمام الحكومة نتائج هذه المشاركة ولقاءاته في باريس وجدة. وبحسب مصادر، فإن «باسيل أكد أن لبنان طرف معتدى عليه من داعش والإرهاب، وهناك منظومة دولية تريد مساعدتنا، ومظلة دولية يمكن أن نستفيد منها من دون كلفة. وأكد أنه أوضح لمن التقاهم أنه ليس لدى لبنان مطارات أو جيوش ليقدمها للتحالف».
وتعاقب عدد من الوزراء على الكلام، وشدد معظمهم على ضرورة استفادة لبنان من الدعم الدولي، فيما كان موقف وزراء حزب الله وحركة أمل واضحاً لجهة «عدم زج لبنان في أي محور تقوده أميركا»، على ما أكدت مصادر وزارية في فريق 8 آذار. فيما أكدت مصادر وزارية «وسطية» أن وزراء 8 آذار «أبدوا تخوّفهم من نيات التحالف الدولي». وأشارت المصادر إلى ميل الوزيرين وائل أبو فاعور وأكرم شهيب إلى هذا الطرح.
جنبلاط والجميل:
تحصين المؤسسات بالتمديد في حال عدم انتخاب رئيس

وقال الوزير محمد فنيش لـ«الأخبار» إن «موقفنا معروف. نحن لا نثق بالسياسة الأميركية ولا بالنوايا، ولا نعتقد بأن أميركا جادة في محاربة الإرهاب. أميركا وحلفاؤها هم من أنشأ هذه الحركات التكفيرية ودرّبها، وقد أكدنا أن لبنان لا يمكن أن يكون جزءاً من تحالف تقوده أميركا. نحن أول من بادر إلى التصدي للتكفير، والبعض لا يزال يلومنا حتى الآن، ولو لم نفعل لكان لبنان في خبر كان». وتابع: «قلنا في الجلسة أن لا مشكلة في أن يستفيد لبنان من المساعدات الدولية كونه يتعرض لاعتداء، لكن لا نقبل بالتزامات، ومن بينها استخدام السماء أو المطارات، وتم الاتفاق على أن كل شيء يناقش في مجلس الوزراء قبل اتخاذ أي قرار. ولبنان لن يكون ضمن التحالف».
وعرض وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أمام الحكومة نتائج اللقاءات والتواصل مع مفوضية شؤون اللاجئين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مشيراً إلى أنه «تمّ إبلاغ الأمم المتحدة توقف لبنان عن استقبال النازحين السوريين، بدءاً من مطلع الشهر المقبل». وأكد درباس لـ«الأخبار» أنه «تم سحب ملفّ إقامة مخيمات للنازحين من التداول لأن الأمر لا إجماع عليه». واتُفق على عقد جلسة خاصة بمسألة النزوح بعد عودة الرئيس تمام سلام من السفر. وأشارت مصادر وزارية في قوى 8 آذار إلى أن «مسألة المخيمات تحتاج إلى رؤية واضحة، والمناطق الحدودية ليست آمنة وقد تتحول المخيمات إلى مشكلة، كما أن الحد من النازحين يحتاج إلى تنسيق مع الجانب السوري».
وبعيداً عن الملفات الحساسة، ساد سوء تفاهم كبير خلال الجلسة بين الوزير بطرس حرب من جهة، ووزيري التيار الوطني الحر جبران باسيل والياس بوصعب من جهة ثانية.
وبحسب مصدر وزاري، فإن «حرب رفض في الأسابيع الماضية التوقيع على أي مرسوم يصدر عن مجلس الوزراء، في ممارسته لصلاحيات رئيس الجمهورية من ضمن الصيغة المتفق عليها شرط موافقة كل الوزراء على أي قرار، ردّاً على رفض باسيل التوقيع على تعديل مرسوم يتعلّق بتعديل وتخفيض رسوم الإنترنت».
وتعود القصة إلى أيار الماضي عندما أقرت الحكومة مرسوم تخفيض أسعار الإنترنت، وجاء يومها في المرسوم أن نسبة التخفيض للمشتركين مباشرة مع وزارة الاتصالات (أوجيرو) ضعف نسبة التخفيض للشركات الخاصة التي توزّع الإنترنت، ما أثار غضب الشركات، فطلب حرب تعديل المرسوم لمساواة نسبة التخفيض، ثمّ أقر مجلس الوزراء التعديل. بعد فترة، عاد حرب وطلب تعديلاً على التعديل، بحجة ورود «خطأ مادي»، إلا أنه أضاف فقرة تتضمن شروطاً على الشركات الخاصة، تمنعها من تقديم بعض الخدمات، وأقرّ مجلس الوزراء التعديل الجديد. ولاحقاً، اكتشف باسيل هذه الإضافة، فرفض التوقيع وطالب بحذف الفقرة المضافة، أو إعداد مشروع مرسوم جديد لتعديل المرسوم القائم. فردّ حرب بتجميد كل المراسيم للضغط على باسيل، واستمر التوتر إلى جلسة أمس. وبحسب أكثر من وزير، فإن الخلاف ليس أكثر من خطأ إداري. وأشارت مصادر الجلسة الى أن وساطة قام بها الوزراء أبو فاعور وسجعان قزي وفنيش أدت إلى إنهاء سوء التفاهم، وتم الاتفاق على العمل بالمرسوم القديم، على أن يقدّم حرب المرسوم معدلاًً من جديد.

جنبلاط والجميل و«التمديد»

الى ذلك، زار النائب وليد جنبلاط أمس الرئيس أمين الجميل في بكفيا، وأكد أن «التمديد لمجلس النواب له أضرار، لكن لا بد من الحفاظ على المؤسسات الأساسية»، مضيفاً «لا نستطيع الدخول في المجهول وأن لا نشارك في الانتخابات». إلّا أن مصادر أكدت لـ«الأخبار» أنه «تمّ الاتفاق على ضرورة تحصين عمل المؤسسات، والذي يثبت بالتمديد للمجلس النيابي في حال عدم انتخاب رئيس للجمهورية، على أن يرفق الأمر بمشاركة في الجلسات التشريعية الضرورية». وأشارت المصادر إلى أن «جنبلاط لم يكن يريد الدخول في نقاش حول الاستحقاق الرئاسي»، لكنها لفتت إلى أن «الرئيس الجميل أصر على شرح وجهة نظره»، مؤكداً أنه «مرشح معتدل ومقبول من جميع الأطراف، فيما رفض جنبلاط التعليق، مكتفياً بهزّ رأسه من دون أن يعطي إشارة سلبية أو إيجابية».
(الأخبار)