«أوقف ذابح العسكري عباس مدلج؟ ضبط بين ثلاثة سوريين أوقفو بالصدفة لدخولهم لبنان خلسة. ولم يلبث أن اعترف بذبح مدلج». خبرٌ انتشر كالنار في الهشيم. مصادر في تنظيم «الدولة الإسلامية» نفت لـ«الأخبار» أن يكون أي من الموقوفين ينتمي إليه، وكشفت أن «الذباح لا يزال في القلمون». وعلى وقع الخبر، لم تتمكن عائلة الشهيد مدلج من كتم غضبها.
حرقة قلبها على ابنها المخطوف، حرّكها شيوع الخبر في وسائل الإعلام منتصف ليل أمس، الذي تحدث عن اعتراف موقوف سوري في مخفر بعلبك بـ«ذبح العسكري مدلج». وما لبث أفرادها أن تجمعوا أمام فصيلة درك بعلبك، للمطالبة بتسليمهم الموقوفين السوريين بغية «تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل ابننا». تجمهُر عائلة الشهيد أمام مبنى الفصيلة تواصل حتى الثالثة فجراً، إلى أن تأكدت العائلة أن الموقوفين الثلاثة نقلوا  من بعلبك إلى بيروت، بعدما حضرت قوة كبيرة من فرع المعلومات لتسلّم التحقيق. عائلة الشهيد مدلج عادت صباح أمس لتقطع مدخل مدينة بعلبك الجنوبي في محلة دورس، بالإطارات المشتعلة، مطالبة بإعدام الموقوف فوراً، أو تسليمه للعائلة لتتولى «تحقيق العدالة».
أقر الموقوف بأنه حفر
حفرة لطمر أسلحة قبل أن يتبين أنها كانت لدفن جثة مدلج

علي مدلج، والد الشهيد، قال بحرقة إن «دم عباس ما رح يروح هدر»، وأن «المطلوب من الدولة اللبنانية إذا فيها كرامة أن تنفذ حكم الإعدام بحق قاتل ابننا، إذا تبين فعلاً أنه هو من ذبح ابننا أو شارك في ذلك».
من جهته نفى مسؤول أمني لـ«الأخبار» أن يكون الموقوف السوري دحّام عبد العزيز الرمضان قد أدلى باعترافات بأنه أقدم على ذبح مدلج، موضحاً أنه كشف عن اشتراكه بالقتال ضد الجيش في عرسال، وانتمائه لـ «داعش» وأنه «طُلب منه حفر حفرة في وادي الرهوة في جرود عرسال تبعد قرابة الكيلومتر عن موقع انتشارهم في إحدى المغاور، من أجل طمر اسلحة وذخيرة، قد يحتاجون إليها في القتال لاحقاً، وليتبين بعدها بيومين أن الحفرة دفن فيها مدلج».
الحكاية بدأت الثلاثاء عندما أوقفت استخبارات الجيش عند مفرق إيعات ــ الكيال، السوريين الثلاثة دحّام الرمضان وخالد البكير(40 عاماً) وعبدالله سلوم (21 عاماً)، ليخضعوا للتحقيق قبل تسليمهم إلى مخفر بعلبك، تمهيدا لتحويلهم إلى الأمن العام بجرم دخول البلاد خلسة. الرمضان كان قد عمد في وقت سابق إلى محو الصور والرسائل عن هاتفه الخلوي، الأمر الذي لم تتنبه له استخبارات الجيش، فيما تمكن أحد عناصر مخفر بعلبك من كشف الصور المخزنة، التي ظهر فيها الرمضان ورفيقاه يرتدون بزات عسكرية، تجمعهم مع عناصر من «داعش» في القلمون وعرسال، ويحملون أسلحة خفيفة ومتوسطة. وبحسب المصدر، اعترافات الرمضان كشفت أنه قاتل في القصير ثم انتقل إلى بلدة عرسال وجرود القلمون. وكشف أن دحام ينتمي إلى «داعش»، ويقاتل في جرود عرسال ضمن مجموعة الملازم أول المنشق من الجيش السوري «عرابة غازي إدريس»، علماً بأن الأخير يقود مجموعة «مغاوير القصير».
في أحداث عرسال الأخيرة، كان الرمضان، بحسب اعترافاته، في عداد المقاتلين الذين هاجموا الجيش في وادي الحصن، وشارك في معارك محور المهنية ـــ الكتيبة 83 في عرسال، وقد بدا ذلك من خلال صور جمعته مع مسلحين آخرين عند بوابة معهد عرسال الفني. وقد أدلى الموقوف بمعلومات عن مكان العسكريين المخطوفين لدى «داعش»، فاعترف بأنهم نقلوا جثث قتلى المسلحين من عرسال إلى الجرد. وأنهم نقلوا عسكريي الجيش اللبناني إلى محلة وادي الرهوة حيث توجد إحدى المغاور الكبيرة التي يحتجز فيها العسكريين. وبحسب اعترافاته، فإن المجموعة التي تحتجز العسكريين يقودها شخص يُدعى «التويني»، وهو نائب أبو أحمد جمعة، قائد لواء "فجر الإسلام" الذي أشعل توقيفه أحداث عرسال. وذكر أن التويني كلّف مجموعة خاصة حراسة العسكريين المخطوفين، وهي تتألف من 15 مسلحاً سورياً، وخمسة لبنانيين من منطقة الشمال، فيما يمنع بقية عناصر التنظيم من الاقتراب أو الدخول إلى المغارة. وعن انتقالهم من الجرود إلى عرسال، ومنها إلى طرابلس، يكشف الرمضان أن «التويني» طلب منهم «الاستراحة في عرسال عشرة أيام، قبل الانتقال إلى طرابلس لتجنيد شبان وتسهيل نقلهم إلى درعا حيث يحتاج المجاهدون هناك للدعم والمساندة». وذكر أن شخصاً من بلدة عرسال نقلهم إلى بلدة إيعات حيث كان يفترض أن يقلهم شخص يدعى «أبو أحمد الطرابلسي» إلى طرابلس.